ونحن نؤدي سنوات من عمرنا معتقلين سياسيين داخل سجون القهر و العار، كضريبة انتماء لخط الجماهير، ووفاء للمواقف الثورية العظيمة التي تعكس بوضوح مصالح و تطلعات جماهير شعبنا الكادح، مخلصين لقضية تحرر و انعتاق هذا الشعب الأبي من ربقة مستعمريه و ناهبي خيراته و ثرواته الذين ينتصبون بكل وحشية و دموية أمام إرادته و طموحاته المشروعة الرامية إلى تحقيق الحرية و العدالة الاجتماعية و الكرامة الإنسانية و ضمان العيش الكريم،...نستحضر دوما و أبدا أن النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي القائم بالمغرب انتزع من صفوفنا من صفوف هذا الشعب المقاوم، بقوة الحديد و النار رفاقا لنا، نساء و رجالا رائعين، قدموا الولاء للشعب وحده، لم يتخذوا أحدا سيدا لهم سوى حرية شعبهم، آمنوا بهذه القضية حتى آخر رمق، أدوا حياتهم ثمنا لهذا الخيار التاريخي العظيم، وهم في زهرة الشباب، خاضوا في ظل أوضاع رهيبة و قمع و تعتيم شديدين معارك بطولية و ملاحم حقيقية، ابدوا خلالها مقاومة لا مثيل لها، و لإخماد نار المقاومة و الصمود في نفوسهم، عمد الجلادون إلى اغتيالهم بدم شاروني بارد، زاعمين باقترافهم هذه الجرائم القذرة سيحاصرون امتداد شعار الثورة بين الجماهيرففي مثل هذا اليوم الموافق ل 13 غشت من سنة 2014 - سنة المؤامرة الدنيئة التي استهدفت إقبار النهج الديمقراطي القاعدي- أضاف التاريخ اسم رفيقنا الغالي المعتقل السياسي مصطفى مزياني إلى صفحاته المشرقة كشهيد بطل، بعدما لفظ آخر أنفاسه و هو يقاوم في معركة الإضراب المفتوح عن الطعام التي دامت 72 يوما، قادها الشهيد بنفس الأبطال، و نكران ذات منقطع النظير، تنقل خلالها و هو مقيد اليدين رهن الاعتقال السياسي بين مخافر القمع و ردهات المحاكم و زنازين السجن بمدينة فاس وصولا إلى المستشفى، دفاعا عن حق بنات و أبناء الفقراء في التعليم و الصحة و الشغل، و الكرامة و الحرية و الخلاص من سيطرة الديكتاتورية الجاثمة فوق صدور فقراء هذا الوطن الجريح.ذاق الشهيد خلال هذه المعركة التاريخية أشكالا متنوعة من المعانات و الظلم و التشويه والتعتيم الممنهج، و هنا نستحضر مواقف و ممارسات جهات عدة تتقاسم العداء مع النظام لشعبنا و مناضليه، هاجمت الشهيد و هو لا يزال مضرب داخل الجامعة و صمتت عن اعتقاله و هو مضرب في يومه ال 37 ،و وصفته بأبشع النعوت و الأوصاف و أدانت معركته بشدة،... و نستحضر أيضا هنا كيف نفى طبيب المندوبية العامة للسجون إضرابه لما زاره بزنزانته قائلا في وجهه: "أنت راك غير كتفلى ؛ راك ماشي مضرب"، و لم يتم إحالته على المستشفى لإنقاذ حياة الرفيق إلا بعدما فقد الحركة شبه كليا و شروع خلايا دماغه و أعضاء جسده الطاهر في التآكل و الموت، و نستحضر أيضا كيف تم إهماله داخل المستشفى بشكل متعمد و تحت حراسة قمعية مشددة و هو مصفد اليدين إلى السرير إلى أن لفظ نفسه الأخير، و كيف حوربت عائلته و رفاقه أثناء تواجدهم اليومي معه طيلة أشواط المعركة، و كيف حاول المرتزقة بشتى الأساليب الماكرة استهدافه سياسيا و إعلاميا للمساس بنبل معركته و توجهه السياسي و رفيقات و رفاق دربه. فالتاريخ يسجل و بتفصيل كل ما مورس ضد الشهيد و معركته الملحمية من أعمال و أقوال سافلة و حقيرة، كما يحفظ للذين عانقوا قضية الشهيد بإخلاص ووفاء، مكانة مشرفة في صفحاته غير القابلة للطي أو النسيان. و تخليدا للذكرى الثالثة لاستشهاده، نبلغ الرأي العام و من موقعنا كمعتقلين سياسيين، رفاق الشهيد، بمختلف السجون التي نتواجد بها، أننا سنخوض إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة ابتداءا من يوم السبت 12 غشت على الساعة الثامنة إلى غاية نفس التوقيت من مساء يوم الاثنين 14 غشت، و في هذا الاتجاه، ندعوا كافة المعتقلين السياسيين بمختلف سجون الرجعية إلى التفاعل الايجابي مع هذه المحطة التاريخية الخالدة وذلك بالانخراط في الخطوة النضالية المقترحة في أفق التفكير الجدي و المسؤول قصد بلورة معارك موحدة داخل السجون تهدف إلى تحصين ذات المعتقل السياسي و هويته النضالية و حقوقه العادلة و المشروعة و على رأسها انتزاع حريته دون قيد أو شرط ...الخ. كما نتوجه بهذه المناسبة إلى مناضلي (ت) الشعب المغربي و كافة الإطارات المناضلة المعنية بحقوق الإنسان داخل الوطن و خارجه إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية إزاء المعتقلين السياسيين القابعين بمختلف السجون و الوضعية الكارثية التي يعيشونها جراء ما يتعرضون له من اعتداءات جسدية و معنوية متتالية و عزل عن المحيط الخارجي و ترحيل عقابي من سجن لأخر و حرمانهم من ظروف إنسانية لمتابعة دراستهم الجامعية... وغيرها من أشكال الحصار و التضييق و المعانات التي يتجرعون مرارتها مما يتوجب رفع الصوت عاليا ضد إستمراريتها دفاعا عن حياة و كرامة خيرة شباب هذا الوطن الجريح.إن التذكير المستمر بالشهيد مصطفى مزياني وكافة شهداء شعبنا الأبرار، يتم عبر معرفتهم فكرا و ممارسة ،وصون تضحياتهم من عاملي الارتزاق و النسيان، بالعمل على تنفيذ الواجب المقدس الذي سطروه لنا بدمائهم الزكية و أرواحهم الطاهرة ألا و هو النضال في سبيل بناء نظام وطني ديمقراطي شعبي، نظام سيستجيب لتطلعات أبناء وبنات شعبنا، و على من يعيش فوق هاته الأرض أن يجعلهم مثالا يحتذى به و مقياسا لأعماله و حياته النضالية، أي باختصار أن يسير في الدرب الذي عبدوه بدمائهم بتبني قضية استشهادهم و مواصلة الكفاح بالتزام وتفان وعزيمة لا تقهر. و بهذا نكون قد نفذنا جزءا من الأمانة التاريخية المقدسة التي أوكلنا إياها الشهداء. وإنا على العهد لباقون.المجد و الخلود لكافة شهداء الشعب المغربي الأبرار.الحرية لكافة المعتقلين السياسيين.

02 غشت 2017

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014

اراء حرة ..... وثائق ومناقشات

لكسر جدار الصمت .....