في اليوم العالمي لمناهضة الامبريالية: إما الاشتراكية و إما البربرية

تحيي الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة في العالم بقيادة قواها الوطنية الثورية المناضلة يوم 24 أفريل من كل سنة ذكرى الصمود البطولي لشعب جمهورية الدومينيك في وجه التدخل العسكري البربري الهمجي الوحشي في هذا البلد سنة 1965من قبل الجيوش الاستعمارية الأمريكية (حوالي 23 ألف جندي) دعما للطغمة العسكرية الحاكمة في ذلك القطر في مواجهة انتفاضة الجماهير الشعبية الكادحة المقاومة للاستغلال والنهب والقمع والاضطهاد الامبريالي والذي تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا بين قتيل وجريح .ومنذ ذلك التاريخ أقر يوم 24 أفريل يوما عالميا لمناهضة الامبريالية وأصبح عنوانا كبيرا في كل مكان من العالم للنضال ضد الاستعمار بمختلف أشكاله، بدءا بالنضال ضد الانتهازية في حركة العمال والحركات الوطنية التحررية. وما وقع آنذاك في الدومنيك من مذابح ليس سوى عينة من جرائم الامبريالية في حق العمال والشعوب المضطهدة في العالم.
1- التاريخ الدموي للرأسمالية والامبريالية كمرحلة عليا وأخيرة منها
لقد بين تاريخ العالم أن الانظمة الرأسمالية وبالخصوص في المرحلة الامبريالية قد تأسست وتطورت وما زالت تعيش في مرحلة سقوطها على جماجم الجماهير الشعبية الكادحة في كل مكان من الكرة الأرضية. فلقد قضت البربرية الرأسمالية على 14 مليون شخص في ما عرف بتجارة العبيد وأبادت قرابة 40 مليون شخص من الهنود سكان أمريكا الأصليين في الفترة الممتدة بين 1730 و 1924. وفي الحربين الاستعماريتين اللصوصيتين الأولى ( 1914- 1918) والثانية (1939-1945) قتلت الدول الامبريالية المتصارعة من أجل إحتكار حيازة المستعمرات وإعادة اقتسام العالم 65 مليون شخص، وفي الحرب الإسبانية ( 1936-1939) قتلت زمرة الفاشيين والنازيين فرانكو وهتلتر وموسوليني 2 ملايين شخص، وفي الحرب العدوانية على كوريا ( 1950- 1953) قتّل التحالف الاستعماري العالمي ( 16 دولة) 3 ملايين من البشر، وخلال العدوان الأمريكي على كل من الفليبين (1899- 1902) تم القضاء على مليون ونصف المليون من الأشخاص وعلى العراق منذ سنة 1991 قتل ما يزيد عن 3 ملايين شخص وعلى أفغانستان منذ 2001 ميلون من القتلى، وفي الحرب العدوانية الظالمة التي شنتها كل من الامبريالية الفرنسية والامريكية على الفيتنام ( 1946 – 1954 / 1955 – 1975) قتل قرابة المليون ونصف المليون شخص، وفي الجزائر منذ 1830 تسببت جرائم الاستعمار الفرنسي في القضاء على مليون ونصف من أبناء الشعب، وفي فلسطين المحتلة تسببت المجازر التي يقترفها الاستعمار الاستيطاني وأداته الصهيونية منذ 1948 في موت مئات الألاف من أبناء شعبنا. وفي سبيل تسهيل إحكام السيطرة على الشعوب من أجل نهبها تغذي الامبريالية اليوم أكثر من أي وقت مضى الصراعات العرقية والطائفية وتفجرها في مناطق متعددة من العالم موظفة أذنابها وبيادقها زاجّة بالجماهير الشعبية في عملية اقتتال داخلي على أساس الانتماء العرقي والطائفي. وبفعل هذه السياسة الاجرامية يتقاتل الصرب مع الألبان والتوتسي مع الهوتو والعرب مع الأكراد والسنة مع الشيعة والعرب المسلمين مع الأقباط المسيحيين الخ... وراح ضحية هذا الاقتتال مئات الآلاف من الأسخاص. فالهدف هو إذن ضمان ديمومة السيطرة من خلال تهميش الصراع الحقيقي الذي تحركة المصالح الطبقية والوطنية. فالامبريالية لا تثير سوى التعصب والأحقاد والأنانية والكراهية والعداء، وهي تحيي كل ما هو رجعي وتعمل على تقسيم الشعوب باستعمال الصراع العرقي والطائفي.
 إضافة إلى كل ذلك تطلق الامبريالية ووكلائها المحليين أيدي جيوشها ومخابراتها وعملائها لتجتث القوى الثورية الاشتراكية والوطنية المناضلة في كل مكان من العالم وفي مقدمتها الحركات الشيوعية باعتبارها أكثر الحركات التي ناضلت بمبدئية وصلابة وبدون هوادة من أجل الإطاحة بالنظام الامبريالي العالمي وبعملائه ( وما ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا سنة 1917سوى خير دليل على ذلك)، ودبرت الاغتيالات السياسية للوطنيين الثوريين وأعدمت الألاف منهم وزجزت بعشرات الآلاف الآخرين في غياهب السجون، عدد كبير منهم لقى حتفه هناك.
2- الامبريالية و المجاعة وتعميم الفقر والبؤس و انتشار الأوبئة والادمان وتجارة الجنس
لكن جرائم الرأسمالية والامبريالية كمرحلة عليا منها لم تقف عند حد التقتيل في مرحلة الاستعمار المباشر بل تعدتها إلى قتل الشعوب عن طريق تجويعها بشكل واع ومدروس من خلال احتكار الثروة في أيدي حفنة من اللصوص القتلة، والتمييز الطبقي والفئوي والجهوي، والحصار الاقتصادي والمالي والعسكري، والأزمات الدورية التي تتسبب فيها وعولمة الفقر والبؤس.
 وتحت غطاء التحرير الاقتصادي والمالي وحرية المبادرة الخاصة والتجارة العالمية تمرر الشركات الاحتكارية الكبرى والمؤسسات المالية العالمية وبالخصوص منها "صندوق النقد الدولي" و"البنك العالمي" سياسة العولمة الامبريالية النهابة سياسة تفقيرالعمال والشعوب وتجويعها وتجهيلها وتغريبها. ولقد كان هذا سببا في ارتفاع أسعار المواد الأساسية في كل أنحاء العالم كالحبوب ومشتقاتها( ارتفاع أسعار القمح العالمية وصل إلى نسبة 300%) وأسعار المحروقات والنقل ومواد البناء والأدوية وسحب المكاسب الاجتماعية الجزئية التي تحققت بالنضالات، ونسف القطاع العام وارتفاع نسبة البطالة، مما أدى إلى انخفاض مستوى المعيشة وتدهور القدرة الشرائية للجماهير الشعبية بشكل لم يعرف له مثيل، وتسبب في ارتفاع نسبة الفقر في العالم وفي توسع دائرة سوء التغذية وانتشار المجاعة وتفشي الأمراض في العالم والموت لافتقاد الغذاء والإحاطة الطبية والدواء،وهو مايزداد وضوحا اليوم بالخصوص في القارة الإفريقية والآسيوية وفي القارة الأمريكية الجنوبية، يقابل ذلك مزيد من احتكار ثروات الشعوب - باستعمال العنف الرجعي - في أيدي حفنة من أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات الكبرى ما فتئ حجمها يتقلص يوما بعد آخر.
أما المجاعات الكبرى الناتجة أساسا عن السياسة الامبريالية الوحشية فقد عاشتها وما تزال العديد من بلدان العالم كالهند وبنقلاداش منذ سنة 1770 وحتى أواسط القرن العشرين القرن العشرين، وكذلك إيرلنده ( بين 1845 و 1852) بحكم الاستعمار الانكليزي لتلك المناطق، وأيضا المجاعة المنتشرة إلى اليوم في العديد من أقطار القارة الافريقية والأسيوية والأمريكية الجنوبية نظرا للنهب المحلي والاستعماري بمختلف أشكاله قد تسببت في وفاة مئات الملايين من البشر. وتشير بعض الاحصائيات إلى أن عدد الوفيات في العالم بسبب المجاعة يفوت مائة ألف شخص يوميا، بينما يموت طفل دون الخمس سنوت كل ثانية. كما يصل عدد الجياع اليوم في مختلف أرجاء الكرة الأرضية ألى ما يزيد عن 1,1 مليار جائع، 60% منهم يعيشون في إفريقيا . وتشير تلك الإحصائيات إلى أن الإنتاج الزراعي الحالي بإمكانه أن يكفي لتغذية أكثر من 12 مليار نسمة بدل السبعة ونيف الذين يعيشون حاليا على سطح الكرة الأرضية.
 وبالإضافة إلى القتل عن طريق الحرمان من الطعام تستعمل الامبريالية العالمية الحرب البيولوجية والجرثومية باعتبارها إحدى الوسائل التي تنتشر بواسطتها الأوبئة. فأنفلوونزا الطيور والخنازير وجنون البقر والجمرة الخبيثة و السيدا و وباء "إيبولا" الذي كثيرا ما ينتشر في قارة إفريقيا حاصدا أرواح الآلاف من سكانها وغيرها من الأمراض الفتاكة هي في الواقع نوع من الحرب الجرثومية التي اعتادت الدول الامبريالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة على استعمالها لإبادة البشر من جهة ولوضع العالم في حالة من التوتر والقلق النفسي والرعب قصد إبعاد الجماهير الشعبية الكادحة وفي مقدمتها العمال عن الاهتمام بمشاكلها الحياتية وقضاياها العادلة وإبعادهم عن خوض الصراع الطبقي والنضال الوطني من أجل مواجهة أعدائهم المتسببين فيها من جهة ثانية، ولتشغيل ما أمكن من معامل الأدوية وترويج بضائعها المنتجة من الدواء والمواد الصحية عموما قصد مضاعفة أرباح أصحاب تلك المؤسسات من جهة ثالثة. فتناقضات النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي، وجشع البرجوازية العميلة ورأس المال العالمي، وعمليات النهب التي تقوم بها شركات المال والصناعة والتصدير الاحتكارية العالمية العملاقة، والهيمنة على الأسواق، والفساد والافساد من أجل إحكام السيطرة على تلك السواق، وعدم التعامل المقصود مع الأوساخ والقمامة المنتشرة في كل مكان في المدن الكبرى (داخل الأحياء الشعبية بالذات) بطريقة تحفظ الصحة وتحمي البيئة، والتسيب وعدم المراقبة في المجالات الصحية وغيرها.. كل ذلك وغيره من الأسباب كفيل بخلق الأوبئة وبزرعها من قبل الدوائر الاستعمارية ونقلها بسرعة من مكان إلى آخر من العالم مما تسبب في هلاك عشرات الملايين من الأشخاص.
 ومن مظاهر انحطاط الرأسمالية وتعفنها في مرحلة الامبريالية بالخصوص تفسيخ الشباب والزج به في وحل الادمان على الخمر والمخدرات والابتلاء بالجنس والارتماء في محرقة الهجرة السرية وبثت في نفسيته روح اليأس والقنوط جراء البطالة والفقر والفراغ وانسداد الأفق بالتوازي مع القمع مما أدى إلى تفشي ظاهرة الانتحار والاجرام والسرقة وغيرها من مظاهر الانحراف.
3- الامبريالية والبطالة
ترتبط البطالة ارتباطا عضويا بالنظام الطبقي الرأسمالي الامبريالي. فالعمل هو من أنتج الانسان من خلال الصراع المرير مع الطبيعة، وهو بالتالي وسيلتة للسيطرة عليها من أجل تلبية حاجاته وإعادة إنتاج حياته في أفضل الظروف، وبأكثر الوسائل راحة له. فهو من وجهة النظر هذه واجبا عليه حتى يقوم بدوره في الانتاج الاجتماعي وهو في الوقت نفسه حقا له يرفع بواسطته قيمته الذاتية ويحفظ له كرامته ويحقق له سعادته داخل المجتمع.هذا هو مفهوم العمل ودوره في المجتمع الاشتراكي. أما في الأنظمة الرأسمالية والطبقية عموما فيصبح العمل وسيلة لإستغلال الإنسان الكادح وسببا في شقائه لأنه يعمل لفائدة أصحاب رؤوس الأموال باذلا جهدا ووقتا يفوق كثيرا قيمة ما يعود إليه من مردود عمله. فالعامل في النظام الرأسمالي ينتج بعمله قيمة زائدة لا يتمتع بها لأن صاحب رأس المال هو من ينهبها ويوفظها لقضاء مصالحه الخاصة الأنانية الضيقة وتعزيز قوته وسيطرته على كل ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبما أن رأس المال لا يُشغّل إلا في حدود ما يمكنه من تحقيق أكبر قدر من الربح والربح الأقصى، أي أقل عدد ممكن من الأشخاص، وبما أنه لا ينفق على العامل إلا الحد الأدنى الذي يجعله لا يموت جوعا حتى يجد من يعمل لفائدته، وبما أنه يوظف قيمة العمل الزائد الذي يستولي عليه للحصول وسائل إنتاج ( آلات وغيرها) أفضل تمكنه من تحقيق أرباح أكبر ومن الاستغناء على أكبر عدد ممكن من العمال وبالتالي من الاحتفاظ لنفسه بالأجور التي كان يدفعها لهم، فانه ينتج عن كل ذلك جيشا كبيرا من العاطلين عن العمل بحكم عمليات الطرد من العمل لأسباب مختلفة وبحكم التقليص من إمكانيات التشغيل إلى الحد الأدنى الضروري لضمان تحقيق مصالح أصحاب رؤوس الأموال ووجودهم. ويترتب عن ذلك وضع العمل تحت رحمة اقتصاد السوق وقوانينه الجائرة ويُخضع بالتالي لمشيئة رأس المال، فتظهرالبطالة ضمن شرائح واسعة من الناس تضمّ العمال والمتعلمين، وأصحاب الشهادات، وذوي المهارات الإنتاجية من مختلف الأجيال والشباب منهم بالخصوص في يومنا الحاضر. فمن لم يجدوا شغلا، ومن فقدوا وظائفهم يشكلون في ظل الرأسمالية جيشا إحتاطيا من المعطلين ضروريا لوجودها واستمراريتها يوفر لها امتيازات متعددة. فبزيادة نسبة البطالة:
 - اقتصاديا: يرتفع الطلب على التشغيل وهو ما يجعل الرأسمالي يقدم على التخفيض في الأجور ونسف أبسط المكاسب والحقوق التي حققها العمال من أجل ضمّها إلى أرباحه.
 - سياسيا: تعمق البطالة المنافسة في صفوف العمال وتقسمهم وتضعف نضالهم التضامني ضد أعدائهم الطبقيين والامبرياليين. إن الامبريالية توظف البطالة لحصر الصراع داخل صفوف الجماهير الشعبية الكادحة - التي ترزج جميعها في كل مكان من العالم تحت نير استغلال واضطهاد الأنظمة الرأسمالية والرجعية العميلة - من أجل الحيلولة دون توحيد صفوفها وتكاتف جهودها للتخلص النهائي من مصّاصي دمائها.
 وتتسبب الامبريالية في ارتفاع نسبة البطالة اليوم في كل مكان من العالم، في المجتمعات الرأسمالية و بنسبة أكبر في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة. فوفق الاحصائيات الرسمية ( التي لا تعكس في أغلبها الحقيقة) وصلت نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 10,8 % وفي أوروبا (ما يعرف بمنطقة اليورو ) إلى 12,1 % وفي أسبانيا إلى 27 % وفي بلغاريا إلى 19,27 % وفي الكونغو إلى 66,9 %، وفي تونس إلى حولي 20 %، في حين وصلت نسبة البطالة في صفوف الشباب في العالم إلى 49,5 % وفي البلدان الصناعية إلى 49,1 % وفي أوروبا الشرقية إلى 60,7 % وفي الوطن العربي إلى 65,2 %. كما يفوق عدد العاطلين عن العمل في البلدان المتخلفة المليار شخص. وتصل نسبة البطالة في الوطن العربي إلى 20 %، ويصل عدد العاطلين عن العمل فيه إلى حوالي 25 مليون عاطل من إجمالي قوى عاملة يبلغ نحو 120 مليون عامل، يضاف إليهم 3.4 مليون عاطل سنويا، في ضوء حقيقة مفادها أن 60 % تقريبا من سكان البلاد العربية هم دون سن الـ 25 سنة، وهو أمر يتوقع معه أن يصل عدد العاطلين عن العمل عام 2025 إلى حوالي 80 مليون عاطل.
4- الامبريالية وتزييف الوعي والتغريب الثقافي
ومن جهة أخرى عملت الامبريالية على تجهيل مختلف الطبقات المفقرة وعلى تغريبها وتهميشها وتمييع وعيها من أجل إحكام السيطرة عليها وتوظيفها في خدمة مصالحها. وفي هذا الإطار وقعت التغييرات الكبرى في برامج التدريس ومناهجها ومحتوياتها، وأصبح التعليم تجارة ومستعصيا على الفقراء، كما أمسى التكوين في الاختصاص هشا إلى أبعد الحدود والثقافة العامة العلمية منعدمة تماما و مهد التصحر الثقافي لإنتشار الفكر الخرافي القروسطي وثقافة الميوعة والجسد واللهث وراء المال بكل الوسائل وتسبب كل ذلك في القضاء مؤقتا على القيم الإنسانية التقدمية النيرة.
5- الامبريالية والتلوث البيئي
لقد أثبتت الأبحاث العلمية أن جميع الدول الامبريالية الكبرى ذات الماضي والحاضر الاستعماري مسؤولة بشكل مباشر عما آلت إليه الأوضاع المناخية في العالم. وتعود جذور تأثير هذه الدول إلى أيام توسعها الاستعماري المباشر وما أحدثته من تغيير في الكثير من المناطق التي استعمرتها. فمنذ عشرات السنين تتعرض البيئة على مستوى الكرة الأرضية ككل و في العديد من جهاتها للتدمير جراء الطريقة التي تتطور به القوى المنتجة ضمن إطار النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي. ففي إطار بحث الاحتكارات الامبريالية العالمية المالية منها والصناعية عن تحقيق النسبة الأعلى من الربح والربح الأقصى تتسبب في كوارث بيئية هائلة تؤدي إلى هلاك أعداد كبيرة من سكان الأرض وتحكم على الناجين بالعيش في ظروف بائسة. ومن هذه الكوارث نذكر الاحتباس الحراري وانخفاض الدرع الوقائي للأوزون، واستفاذ الموارد الطبيعية، ودمار الغابات، والتصحر، والكائنات الحية المعدلة جينياً، والنفايات النووية والسامة، والارتهان الغذائي للاحتكارات العالمية، وتلوث الهواء، ودمار الأنظمة البيئية و تلوث البحار والآنهار والاحتياطيات الطبيعية عموما، وقلة الحصول على المياه الصالحة للشراب و أيضاً الحروب العدوانية الظالمة والصراعات الطائفية والعرقية والحدودية.
 وفي ظل الرأسمالية ومرحلتها العليا الامبريالية لا يمكن للبيئة إلا أن تدمر، فهي بالنسبة للرأسماليين ومنظريهم وعملائهم ليست سوى :
- مصدر نهب للموارد الطبيعية المحدودة للكوكب.
- الفضاء الطبيعي الذي يواصلون فيه نشاطاتهم الخارجة عن السيطرة و يطرحون فيه نفاياتهم.
 - القطاع المربح جداً للإنتاج، فقط لأنفسهم، الاستثمارات و التمويل الإضافي (مثال على ذلك: الأنظمة الرسمية لبرامج "البحث").
 ويشتد نشاط رأس المال الاحتكاري التدميري للبيئة خاصة عند احتداد تناقضاته الداخلية وتفجيرها للأزمات، فيضطر إلى البحث عن مخارج جديدة أو إعادة توزيع ما هو موجود حاليا أو التوظيف في مجالات جديدة تؤدي لمتاجرة متزايدة بالعديد من أنواع السلع والموارد العامة والاجتماعية المضرة بالبيئة.
 ووقد تسبب كل ذلك في تطور ظاهرة الجفاف و الأعاصير والفيضانات والزلازل وذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستوى البحر. مما أدى إلى هلاك مئات الآلاف من الأشخاص(تسونامي مثلا) وما يهدد بالقضاء على عشرات الملايين من البشر في المستقبل القريب إن لم نقل على البشرية قاطبة.
6- الامبريالية والارهاب
إن القوى الامبريالية وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية و الأنظمة الرجعية العميلة المستفيدة من الوضع الطبقي الرجعي السائد داخل المجتمعات البشرية هي التي تصنع الحركات الارهابية والأفراد المنخرطين في تلك الحركات الذين يضعون أنفسهم في خدمة تلك القوى بعد غسل أدمغتهم ومقابل العديد من الإمتيازات، و تزرعها في كل مكان من العالم، وهي التي تمولها و تمدها بالبرامج وتدعمها بالامكانيات اللوجستية وتدفعها للقيام بأفضع العمليات الإجرامية التي تثير الهلع والرعب في صفوف عامة الناس فتتدخل الطبقات الحاكمة في كل بلد من خلال الدولة لتقوم بحملة تضليلية ضد الإرهاب مظهرة نفسها وكأنها تحاربه ولكنها في الواقع إنما تستغل تلك الظاهرة للمحافظة على واقع الاستغلال والنهب ولخلق شروط التراجع عن المكتسبات التي حققتها الجماهير على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولتشرع قوانين جديدة تكرس ذلك التراجع على أرض الواقع ولتتحول تلك القوانين إلى ممارسة إرهابية مستدامة تجعل الجماهير الشعبية الكادحة غير قادرة على الحركة من أجل تحسين أوضاعها المادية والمعنوية خوفا من الإرهاب أومن أن تُتهم بالإرهاب. فالحركات الارهابية قضت بواسطتها الامبريالية العالمية على آلاف الابرياء وصفت المئات من المناضلين الوطنيين ودمرت البنى التحتية والمنشآت والمعالم التي التي شيدت بدماء العمال والشعوب وخربت حركة الصراع الطبقي والنضال الوطني، وخير دليل على ذلك ما يقع اليوم من عمليات إرهابية في العديد من مناطق العالم وبالخصوص في العراق وسوريا وليبيا وتونس وأفغانستان وباكستان وأندونيسيا وفرنسا وبلجيكيا ومن عمليات إرهابية صهيونية في فلسطين المحتلة. ولذلك فإن محاربة الارهاب تبدأ من محاربة الامبريالية.
7- إحتداد الصراع الامبريالي على العالم اليوم
إن صراع القوى الامبريالية من أجل إعادة تقاسم العالم ما فتئ يحتد يوما بعد آخر من جراء تفاقم التناقض بين الكتل الرأسمالية الاحتكارية والدول الامبريالية متسببا في مزيد من الدمار للبشرية قاطبة ومهددا باندلاع حرب كونية إجرامية جديدة. فالصراع بين الامبريالية الأمريكية وحلفائها من الدول الاستعمارية الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا وانجلترا من جهة وبين روسيا والصين كقوتين إمبرياليتين من جهة ثانية يأتي على الأخضر واليابس في منطقة الشرق الأوسط وبالخصوص في العراق و سوريا واليمن ولبنان وفلسطين والسودان ومصر و كذلك في أكرانيا ومنطقة آسيا الوسطى متسببا في سقوط عشرات الألاف من الضحايا. ومن جهتها تعمل الولايات المتحدة لتفكيك روسيا الاتحادية وتحويلها إلى أشباه مستعمرات لتسهيل نهب مواردها الطبيعية الهائلة وهي تعمل بكل الوسائل على تطويق الصين وإحكام القبض عليها والسيطرة على اليد العاملة الرخيصة فيها باعتبارها شريان الحياة للاقتصاد الرأسمالي وأحد أهم مصادر فائض القيمة في عملية الانتاج المُدرّ لأرباح الراسماليين.
 أما ألمانيا، التي كانت إحدى الضواري في الحربين الامبرياليتين الأولى والثانية، فهي تعمل على أحياء طموحاتها الإمبريالية. فبعد أن حصلت على مركز المهيمن في أوروبا الغربية والشرقية، تسعى لتصبح قوة عالمية. وبالمثل في آسيا فاليابان تعيد عسكرة نفسها، بغية تحقيق طموحاتها القديمة المتجددة في الهيمنة الإقليمية. وبهدف إضفاء الشرعية على هذا التحول من جانب ألمانيا واليابان، فإن هناك جهودا منتظمة تبذل لتبييض الجرائم النازية الوحشية وكذلك جرائم الجيش الإمبريالي الياباني في الثلاثينات والاربعينات.
 وتنخرط جميع الدول الإمبريالية في هذا الصراع للحصول على مناطق نفوذ. لقد أصبحت كل ناحية من أنحاء العالم بؤرة لصراع دموي مرير، ليس فقط في المستعمرات السابقة وأشباه المستعمرات في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية ولكن أيضا في منطقة القطب الشمالي والقطب الجنوبي وحتى الفضاء الخارجي والفضاء الإلكتروني. هذه الصراعات، بدورها، تخلق التوترات التي تؤدي إلى النزعات الانفصالية، والانقسامات العرقية والإقتتال الطائفي. أما النظامين الروسي والصيني فهما لا يشكلان عنصر مقاومة لتوجهات الحرب الإمبريالية العدوانية الظالمة، إنهما يمثلان حكم قوى الثورة المضادة التي استولت من جديد على السلطة في هذين البلدين بعد إجهاض التجربة الاشتراكية الفذة في الاتحاد السوفييتي سابقا والوطنية التحررية في الصين، هذه القوى تسعى بكل الوسائل للدفاع عن مصالحها.
8- الامبريالية والوطن العربي
إن مختلف أوجه السياسة الامبريالية العدوانية هذه تطال شعبنا العربي على امتداد وطننا الكبير. ففي العراق استعمار أمريكي بريطاني مباشر، استعمار يقتل مئات الآلاف ويهجر الملايين ويذكي الصراعات العرقية بين العرب والأكراد والتركمان وغيرهم والطائفية بين الشيعة والسنة بالخصوص ويسعى إلى تقسيم العراق. وفي فلسطين استعمار استيطاني وإبادة جماعية وتشرد وتهجير وتقسيم، وفي لبنان تسود الصراعات الداخلية الطائفية وغيرها التي تحركها الامبريالية العالمية والصهيونية والرجعية العربية منذرة بانفجار الوضع في أي لحظة. وقسم الاستعمار في شكله الجديد السودان، و فجر الصراعات الطائفية في الصومال، وركز قواعد عسكرية في دول الخليج، ودمر حياة شعبنا في كل من سوريا وليبيا واليمن، وخرب الانتفاضات الشعبية المندلعة منذ 17 ديسمبر 2010. وفي جل أقطار الوطن العربي استعمار غير مباشر ونهب تحت غطاء "الشراكة" و"الاصلاح الهيكلي للإقتصاد" تكرسه الأقطاب الامبريالية الكبرى المتصارعة على خيراتنا وثرواتنا، ومؤامرات لتعميم التطبيع مع الكيان الصهيوني. أما في تونس فقد تدخلت الامبريالية العالمية وعملائها في القطر بقوة وبوسائل مختلفة للقضاء على انتفاضة 17 ديسمير 14 جانفي، ووحدت صفوف وكلائها المحليين وعلى رأسهم "النهضة و"النداء" وثبتت أقدامهم من جديد في السلطة، وعمقت رهن البلاد للدوائر الاحتكارية العالمية وهي تتقدم أشواطا في التضييق على هامش الحريات الذي فرضته الجماهير على أعدائها الطبقيين والامبيراليين ومضت قدما في تعميم الخوصصة التي عمقت تردي الأوضاع المعيشية للشعب الكادح ووسعت دائرة الفقر والبؤس والبطالة وحولت حياة الشعب إلى جحيم، وقد سهل لها ذلك ضعف القطب الثوري في الحركة الجماهيرية وتواطؤ القوى الانتهازية بمختلف تلويناتها معها
 "إن الامبريالية تفضي إلى الإلحاق وتفاقم الظلم القومي وبالتالي إلى اشتداد المقاومة ". وبالفعل فإن مقاومة الطبقة العاملة وعموم الكادحين للاستغلال والاستعمار والظلم القومي تشتد وتقوى يوما بعد آخر داخل الدول الامبريالية وفي المستعمرات وأشباهها، في الولايات المتحدة وأوربا في أمريكا الجنوبية وفي آسيا، في الوطن العربي وفي إفريقيا. إنها مقاومة بالإضرابات وبالمظاهرات والانتفاضات والمواجهات مع أجهزة القمع ( النضالات العالمية ضد العولمة الامبريالية في الولايات المتحدة وايطاليا وكندا وألمانيا واستراليا) وبالحجارة والكفاح المسلح، وما التحركات الشعبية التي عاشتها مؤخرا العديد من ولايات البلاد كصفاقس وقفصة وسيدي بوزيد وتونس الكبرى والكاف سوى عينة من مقاومة الجماهير في تونس للبربرية الامبريالية
 إن الامبريالية وعملائها في العالم وأداتها الصهيونية أعداء ألداء من منطلق طبقي فكري وسياسي و عملي للاشتراكية العلمية ولقوى التحرر الوطني وللطبقة العاملة والشعوب المضطهدة. لقد عملت الامبريالية العالمية وكل السائرين في ركابها وتآمرت بأشكال مختلفة من أجل إخضاع العمال والشعوب المضطهدة في العالم وابتزاز خيراتها، وتدخلوا على امتداد عقود من الزمن لتصفية الاشتراكية العلمية الوليدة كفكر وإنجازات ثورية فريدة من نوعها في تاريخ البشرية بغية المحافظة على النظام الرأسمالي العالمي والتمديد في أنفاسه وإجهاض نضالات الشعوب من أجل الأرض والحرية والكرامة الوطنية والاشتراكية العلمية، وأبادوا من أجل ذلك مئات الملايين من البشر. ولكن بالرغم من حدة الهجمة وحالة الجزر الناتجة عن إجهاض التجارب الاشتراكية في العالم فان النضال الثوري العالمي ضد الامبريالية والانتهازية لم يتوقف، بل أصبح يأخذ طابعا متماشيا مع خصوصية الأوضاع الذاتية والموضوعية التي تولده وتحركه وتطوره.
إن التناقضات التي تنخر النظام الامبريالي العالمي من الداخل تؤكد  أنه في ظل الرأسمالية يستحيل تنظيم اقتصاد متكامل على الصعيد العالمي يضمن نمو متناسق وسريع للقوى المنتجة يحررها من كل القيود والعراقيل، إقتصاد قادر على حل مشاكل الانسانية. ومع ذلك، فإن التناقضات نفسها التي تدفع النظام الامبريالي إلى الهلاك هي التي تُولد الدافع الموضوعي للثورة الاجتماعية. لقد أدت عولمة الإنتاج إلى نمو الطبقة العاملة بشكل ضخم. إنها القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة على وضع حد لنظام الملكية الخاصة والربح باعتباره السبب الجذري للحروب وللمصائب التي تدمّر حياة البشر والآرض عموما، هي الوحيدة القادرة على قيادة النضال الثوري من أجل الاشتراكية. فلا يمكن أن يوجد نضال من أجل الاشتراكية دون نضال ضد الحرب والامبريالية التي تولدها، ولا يمكن أن يكون هناك نضال ضد الحرب والامبريالية التي تولدها دون نضال من أجل الاشتراكية. يجب على الطبقة العاملة أن أن تقف ضد الحرب الإمبريالية وأن تحولها متى سمحت الظروف بذلك إلى حرب أهلية ، وذلك من خلال قيادتها للطبقات المستغلة المضطهدة وفي مقدمتها فئاتها الشبابية على أساس برنامج اشتراكي:النضال الثوري من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية، إرساء الاشتراكية العلمية والتقدم في بناء المجتمع الشيوعي العالمي الخالي من استغلال الانسان للانسان.
فمع وعيينا التام بأن تراجع الحركة الثورية العالمية الاشتراكية منها أو الوطنية التحررية ما هو سوى تعبير عن وضع خاص، تاريخي، مؤقت وعرضي للحالة الذاتية للتنظيمات التي تقود تلك الحركة وقدرتها على التأثير بالسرعة المطلوبة في الواقع الموضوعي العالمي الجديد المتحول بنسق سريع لصالح الامبريالية العالمية خاصة بعد حالة المد الرجعى الظلامي الذي ساد إثر إجهاض التجارب الاشتراكية وسقوط معسكر الاتحاد السوفييتي، فإن رفضنا الاستسلام أمام حدة الهجمة الاستعمارية الرجعية يجب أن يكون حافزا للنهوض الفاعل في مقدمة الطبقة العاملة وعموم الكادحين مسلحين بأدوات النضال الثوري الفعلي المختلفة من أجل القضاء على الأسباب المادية النهائية الكامنة وراء استغلال الإنسان للإنسان. ذلك ما يجعلنا نتطلع إلى أن تلعب الطبقة العاملة وتنظيماتها الطبقية السياسية منها والمهنية والاجتماعية دورا رياديا في هذه المعركة المصيرية وأن تتحول إلى قوة جذب وقيادة لكل الكادحين حتى يرتقوا إلى وعي المهمات التاريخية الملقاة على عاتقهم. والطبقة العاملة وهي لا تزال تبرهن بفكرها وإستراتيجيتها وفعلها في الواقع المادي على قدرتها على تصدر النضالات التحررية فإن الثوريين المخلصين لها مدعوون أكثر من أي وقت مضى للعمل من أجل تطوير قدراتها الذاتية وتعزيز طاقاتها الكفاحية لتحقيق مكاسب جديدة لعموم الكادحين تمتينا لصلتها بهم وتوسيعا لدائرة إشعاعها في صفوفهم، كما أن تلك القوى الثورية مطالبة بالعمل من أجل تحصين منظماتها السياسية والنقابية والمهنية والاجتماعية عموما والنضال ضد كل محاولات التدجين والاحتواء والاختراق وتطوير وعيها الطبقي وقدرتها على التمييز بين الأعداء والأصدقاء.
 ففي مثل هذا اليوم التاريخي، اليوم العالمي لمناهضة الامبريالية، مثله مثل المحطات التاريخية الكبرى التي تحييها الجماهير الشعبية الكادحة يدين حزب
الوطد الثوري الماركسي اللينيني بشدة كل الجرائم والمذابح والحروب العدوانية اللصوصية ومختلف أشكال الاستعمار والظلم القومي والحصار الجائر والانتهاكات التي تقترفها الامبريالية و أداتها الصهيونية والأنظمة الرجعية والعميلة في العالم وكل السائرين في ركابهم في حق العمال والشعوب المضطهدة، ويعتبر الحزب صمود شعبنا في الوطن العربي وخاصة منه في العراق وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا وفي صمود العمال والشعوب في العالم، في كل من كوبا وكوريا الشمالية وفي غيرهما من الأقطار أمام الطغيان الامبريالي الأمريكي منه بالخصوص منارة تضيء طريق التحرر الوطني وبناء الاشتراكية، وتعزّز إيماننا بأن النظام الذي يسعى الامبرياليون لبعث الدم في جسمه المنهك آيل إلى السقوط بفعل التناقضات التي تنخر هذا النظام من الداخل وبفعل الضربات القاصمة التي يوجهها له الكادحين الثوري. إن إرادة الشعوب لاتقهر مهما اشتد الظلم والقهر ومهما طال أمد المعركة: فإما الإشتراكية وإما البربرية.
- لنجعل من 24 أفريل محطة لتأجيج الصراع الطبقي والنضال الوطني لإسقاط أعداء الشعب
- عاشت نضالات الشعوب من أجل التحرر الوطني الديمقراطي وبناء الاشتراكية.
-لتسقط الامبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية في كل مكان من العالم.
 - المجد والخلود لشهداء النضال ضد الامبريالية وعملائها.
حزب الوطد الثوري الماركسي اللينيني
24 أفريل 2016


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014

اراء حرة ..... وثائق ومناقشات

لكسر جدار الصمت .....