في قلب معارك المعتقلين السياسيين

سجن تولال 1 –مكناس-              في: 10 نونبر 2016
المعتقل السياسي: عبد الوهاب الرماضي
رقم الاعتقال: 21020
   شذرات من واقع الاعتقال

"أنسنة ظروف العيش داخل السجون و النهوض بأوضاع و حقوق السجناء" ، " تمكين السجناء من كافة التسهيلات لمتابعة الدراسة و التكوين المهني" ، إرساء القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" ، " استلام قواعد نيكسون مانديلا كمبدئ و ممارسات جيدة في مجال معاملة السجناء و إدارة السجون"، " معاملة السجناء معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم وتهدف الى اصلاحهم و اعادة إدماجهم" ، " المصادقة على البروتوكولات الاختيارية الملحقة لبعض المعاهدات الدولية ، وفي مقدمتها البروتوكول الاختياري المناهض للتعذيب و غيره من طروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"... هي شعارات جميلة وكبرى ، شكلت غطاءا و مادة، لتناول إعلامي ضخم ومواكبة غير مسبوقة ارتباطا ووضعية السجون و السجناء بالمغرب طيلة السنوات الأخيرة الماضية، ويجمع كل المقيمين على أن التعليم بمختلف مستوياته يبقى المدخل الأساسي لترجمة هذه الشعارات و المشاريع على الأرض.
   لكن ، حينما ننقل من عالم الشعارات المعسولة، ومن عالم الديماغوجيا، إلى عالم السجون المظلم، نصطدم بواقع مرير و صادم، هو نقيض ما نسمعه من شعارات، و ما صودق عليه من اتفاقيات وما ...، و علاقة بالموضوع، سأتطرق في هذا العمل لوضعيتي كمعتقل سياسي، و كطالب يتابع دراسته داخل السجن، و سأكتفي باستعراضها في نقط محددة، على أن تتبع
-        بعد أن اهتزت معظم أركان مؤامرة 24 أبريل الاجرامية و انفضحت فصول المحاكمة الصورية، لم يبقى من دليل لإدانة المناضلين غير الهوية و الانتماء السياسيين، على هذا الاسس تم الحكم على ستة من المناضلين ب64 سنة من السجن النافد، و كان نصيبي عشرة سنوات بتهمة الضرب و الجرح المفضي الى الوفاة دون نية إحداثه في حق شخص لم يسبق لي و أن رأيته بعيني ، كان النطق بالحكم يوم 15 مارس 2016 و بعدها مباشرة يوم 17 مارس تم ترحيلنا من سجن عين قادوس بفاس، و تشتيتنا على مجموعة من السجون اذ تم ترحيلي الى سجن تولال 1 بمكناس على بعد أقل من أسبوع على انطلاق الامتحانات.
  ما بين 17 مارس و نهاية يوليوز، أي في ضرف أربعة أشهر ، و في ظروف اجتياز الامتحانات، تم ترحيلي عدة مرات ما بين سجني فاس و مكناس، و كان لذلك تأثيرات سلبية لا تعد و لا تحصى، و مهما يكن من مبررات لذلك فهو يبقى في حقيقته استهداف و تأكيد لإرادة الاقصاء، وهو ما تأكد بالملموس بعد الانتهاء من الامتحانات، و الدخول في مرحلة اعداد بحث نهاية الدراسة بسلك الماستر، وما يتطلبه ذلك من امكانات و لقاءات مع الأستاذ المشرف على البحت، للأسف سيتم ترحيلي مرة أخرى الى سجن مكناس مما جعل زيارة الاستاد المشرف شبه مستحيلة و صعب من مأمورية التواصل مع الطلبة و التواصل بالكتب و المراجع المطلوبة. و بعد لقاء مع مدير السجن بتولال 1 يوم 31 غشت 2016، وعدني بالاستفادة من أحد أجهزة الحاسوب المتواجدة بمكتبة السجن لإتمام انجاز البحت، و لكن ومنذ ذلك التاريخ الى يومنا هذا بقي داك التاريخ مجرد حبر على ورق، و في كل مرة أطلب ذلك يتم التدرع بأن أجهزة الحاسوب المتوفرة غير صالحة للاستعمال ... و بهذا زادت و تعمقت معاناة العائلة التي أرهقت كثيرا و هي تتنقل كل أسبوع أو أسبوعيين لما يزيد عن 300 كلم ذهابا و إيابا، لتزورني و بعدها تنقل الى مدينة فاس لتنقل ما أنجزته من البحث إلى الأستاذ أو المكتبة المكلفة بطبعه
-        ينضاف إلى كل ذلك شروط الاعتقال الكارثية واللاإنسانية ، حيث الحرمان من أبسط الحقوق و الحاجيات الضرورية ( الاستحمام، التطبيب ، منع ادخال العديد من الحاجيات التي تجود بها العائلات ....) و صعوبات التواصل مع الأساتذة و الطلبة و العائلة و قصر مدة الزيارة التي لا تتعدى مدة 20 دقيقة... بل أنه حتى الكتب و المراجع تنال نصيبها من مرارة الاعتقال، إذ في غياب مكان خاص بها ، أقوم بافتراشها و أضعها تحت الفراش الذي أنام عليه ...
  إن ما أتيت على إثره، ليس سوى النزر القليل من مأساة الواقع المعاش لمعتقل سياسي محكوم صوريا ب 10 سنوات و لعائلته المكلومة و أبوين مفجوعين أرهقهما عامل السن و تكاليف الحياة .
 وعلاقة بهذه الوضعية يطرح السؤال: ما محل الشعارات السالفة من الإعراب ؟ و سيرا في نفس الاتجاه تتناسل أسئلة أخرى: ألا يعتبر اقصاء ترحيل طالب ما بين سجنين متباعدين لأربع مرات في ظرف قياسي و في ظروف اجتياز الامتحانات ؟ ألا يعتبر اقصاء حرمان طالب حتى من جهاز حاسوب لإنجاز بحت دراسته ؟ هل يقبل العقل و المنطق أن مؤسسة بكاملها لا تتوفر على جهاز حاسوب صالح للاستعمال؟ ما معنى أن تقدم طلبا أو مراسلة و تنتظر أسابيع دون جواب؟ لكم أن تتصوروا حجم المفارقات ما بين الشعارات المرفوعة و الواقع العيني المعاش، إنه الاقصاء المفضوح، المحكوم بخلفية سياسية محضة، انه واقع المعتقلين السياسيين في زمن داعشي بامتياز، انه جزء من المقصلة المنطلية لنكوص الحركات المناضلة و تراكم خيبات الامل ، واقع تقلصت فيه قاعدة الداعمين الحقيقين لقضية المعتقلين السياسيين ، وتزايدت قاعدة أنصار شعار " لن أدعمك ولن أدع أحدا يدعمك، و سأتربص بك وأنتظر سقوطك لاحتفل"... لكن دوما وأبدا و سيبقى هناك شرفاء، و لسنا مهزومين ما دمنا نقاوم.

                             الحرية لكافة المعتقلين السياسيين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014