عبر ودروس المسيرة الثورية المغربية



انتفاضة 14 دجنبر 1990
الدروس والمتطلبات


         شهد المغرب  على مر ستة عقود منذ الاستقلال الشكلي إلى اليوم سلسلة من الانتفاضات الشعبية العارمة  والمشهود لها بالقوة والعنفوان الثوري  , الذي لا يخبو إلا بلجوء النظام إلى  القمع الدموي الرهيب  والمجازر الوحشية التي ترتكبها قواته النظامية  العسكرية والبوليسية .
          الانتفاضات الشعبية  التي نكاد أن نجزم أنها لم تكن محل تقييم وتحليل من طرف الحركة الثورية ببلادنا والمناضلين الماركسيين اللينينين . للوقوف على العبر والدروس التي يستوجب التقييم والتحليل والدراسة استخلاصها للاسترشاد بها في  بلورة مرشد ودليل العمل الثوري ,  بحيث أن النظرية الثورية المتلازمة مع الحركة والممارسة الثورية , ليست مسالة مكتملة التكون بل هي خلاصة تقييم ودراسة وتحليل للمجتمع المغربي,  بالاستناد طبعا على العدة الفكرية / النظرية  والمنهج الماركسي اللينيني في التحليل  والتقييم والبناء النظري .
     
         غياب هذا الاهتمام  جعل  حركة الانتفاض- بما شهدته من قمع دموي وبما خلفه من شهداء  وجرحى ومعطوبين ومفقودين  ومجهولي المصير إلى اليوم ,  وآلاف المعتقلين ولمدد طويلة بأحكام جنائية ثقيلة - . هذا التغييب والتقصير افقد أجيال مناضلي الحركة الثورية المغربية  والتيار الماركسي اللينيني  رصيدا مهما  للاسترشاد به والاعتبار منه في الممارسة النضالية  الجارية في مختلف مواقع ومجالات الصراع الطبقي الضاري الذي يشهده المجتمع وافقد بالتالي الممارسة  الميدانية إطارها ألمنهاجي  التوجيهي الشيء الذي يسهم في إنتاج اعطاب متجددة للتيار ويعيق إمكانية نموه الطبيعي  وتطوره الطبقي  ليتحول الى قيادة فكرية وسياسية وميدانية لحركة الصراع الطبقي ببلادنا وحركة كفاح كادحي الوطن من اجل الانعتاق والحرية والقضاء على أسباب الشقاء والاستغلال.
            جدير بالذكر أن بلادنا وجماهير شعبنا خاضت وجربت نوعين من الانتفاض , أولاها وأولهما المسلحة والتي جرت أطوارها بمدن وأرياف وبوادي الريف  وبالخصوص منطقة الحسيمة في سنوات 1958 / 1959  ـ وان كان لها طابعها الخاص ـ  وانتفاضة 03 مارس 1973 بقرى وأرياف  الأطلس  والشرق ( كلميمة  والراشيدية ....)بقيادة المهندس الثائر الشهيد محمود بنونة و عمر دهكون ورفاقهما . وقبلهما المحاولة الثورية المجهضة في المهد في سنوات 1963 / 1964 بقيادة الشهيد احمد اكوليز المعروف بشيخ العرب وثانيهما  الانتفاضات الشعبية المدينية والمدنية   لسنوات 1965 , 1981 , 1984 , 1990 , فبراير 2011 المتواصلة رغم التراجع البين والملحوظ على قوتها وجماهيريتها .
وجدير أيضا الملاحظة ان اغلب الانتفاضات الشعبية ذات الطابع السلمي , تزامنت من حيث سببها المباشر  ودعوات الإضراب العام ـ  للحركة النقابية المغربية سواء الطلابية / التلاميذية ( كما هو الحال 32 مارس 1965 ـ 24 يناير 1984) او العمالية( كما هو الحال 20 يونيو 1981 و 14 دجنبر 1990)  في حين شكلت انتفاضة 20 فبراير حركة مجتمعية شاملة وعمودها الفقري الشباب وهو ما جعلها تشكو من اعطاب بنيوية كان لها الدور الكبير في إجهاضها في مهدها وتعطيل سيرورة تجدرها وتطورها .  
             تفجر الانتفاضات  بالتزامن مع الإضرابات العامة ,  لم يكن ألا نقطة تحول تراكم  كل عوامل الغضب  والحقد الطبقي والانسحاق  الاقتصادي , إلى الانفجار العظيم والكبير الذي تدفق  بانتفاضات  شملت كل القلاع والإحياء الهامشية والفقيرة  حيث تجمع الفقر والبطالة والإقصاء وكل مظاهر امتهان الكرامة الآدمية .
            هكذا انطلقت شرارة انتفاضة دجنبر بفاس  متزامنة  بأحياء  القهر والفقر بالمدينة ( بن دباب ,باب الفتوح , صهريج كناوة , سهب الورد , دوار الطاهريين و باب الخوخة  سيدي بوجيدة واندو  وجواره , بنسودة , سيدي براهيم  باب الغول  وعوينة الحجاج ....)  وجوارهما لتلتحم انتفاضات الأحياء مع انتفاضة الجماهير الطلابية ومناضليها الطلبة والتلاميذ الذين ذابوا في الحشود في الأحياء  .
وبالعودة إلى استقراء الطبيعة الاجتماعية / الطبقية  لجماهير المنتفضين قاطني الأحياء والمناطق المنتفضة وطابعها  نستنتج  :
إن القوى والشرائح الاجتماعية المنتفضة  تشكلت أساسا من :
       الشبيبة الطلابية والتلاميذية والتي شكلت القوة الضاربة بحكم سرعة تفاعلها مع الأحداث  وتأثرها بتيارات الفكر اليساري / الثوري وبحكم طابعها الشبابي المتحرر وامتلاكها لناصية العلم والمعرفة والثقافة والية التنظيم القوي والضارب رغم كل محولات النظام للاحتواء او القمع والاجتثاث .
      العمال المياومين وهم  نسبة كبيرة تعيش إما على العمل بالمواقف , أي العمل اليومي  في اوراش البناء  وغيرها من الأعمال الشاقة اليومية  أو تمتهن  التجارة في المتلاشيات  والخضر بالتقسيط وغيرها من الإعمال التي لا تكاد تغطي نفقات العيش بالكاد. دون إغفال نسبة واسعة من العمال الدائمين بالقطاع الصناعي. تستمد أصولها من الفلاحين بدون ارض والفقراء المهجرين من  الأرياف والمناطق المحيطة بالمدينة  ,  بفعل استفحال الفقر والإملاق  , وكثافة الاستغلال بالبوادي  وبفعل  استحكام واقع العطالة والبطالة الدائمة  التي تضاعفت مع توالي سنوات الجفاف الذي ضرب المنطقة ,  فضلا  عن انتشار المكننة  والاستغلال الحديث للأراضي الفلاحية والزراعية ( الجرار . آلة الحصاد والدرس ) والتي استعاضت عن اليد العاملة العضلية , وسببت في بداية انهيار علاقات إنتاج ما قبل  الرأسمالية / الأجيرة بالبادية ( ما كان يعرف بالخمس والربع والنزالة العزابة وغيرها )
        العاطلين  عن العمل بشكل بنيوي وخاصة  الشباب المتسرب من الدراسة في السنوات المبكرة , أو  خريجي المؤسسات المهنية  وغيرها  .
         شريحة واسعة من التجار الصغار أصحاب المحلات  والحوانيت المستأجرة أو التجارة الجائلة ( الباعة المتجولين )  بالأسواق المجاورة  .
         الصناع التقليديين  وأصحاب الحرف اليدوية  , وصغار الموظفين دوي الدخل المحدود جدا وخاصة في  مؤسسات الجماعات والبلديات والمقاطعات الإدارية ورجال التعليم والصحة العمومية   وبعض منتسببي المؤسسات القمعية المتقاعدين ...
        باختصار شديد  إن الشرائح الساكنة  بأحياء المدينة الفاعلة في الانتفاضة تنتمي في معظمها,  وكلها على الإطلاق إلى  الكتلة العريضة من طبقات الشعب الكادحة  وعلى رأسها الطبقة العاملة  بمكوناتها المتنوعة ( المياومين . العاملين بالمؤسسات الانتاجية  وخاصة النسيج  والصناعات التحويلية الموجهة إلى التصدير والعاطلين عن العمل والمسرحين ..) والمنتمين  لشرائح البورجوازية الصغرى بتنوع مكوناتها  ( الحرفيين – صغار التجار – صغار الموظفين والمستخدمين ) وجماهير واسعة من الطلبة  والتلاميذ وحاملي الشهادات المعطلين .
        أما عن طبيعة  الأحياء التي شكل بؤر وقلاع  الانتفاضة  ووقودها  فهي :
       - أحياء مترامية على أطراف المدينة وبعيدة عن قلبها ومركزها الرئيسي  غير مهيكلة  ونمت كالفطر وتوسعت بطريقة غير مخططة  ومدروسة , هي اقرب إلى غيتوهات   السود بجنوب إفريقيا في زمن الفصل العنصري الابارتهايد , لافتقادها لكل المقومات الدنيا للحياة الآدمية  من حيث الأزقة والطرق  وقنوات الصرف الصحي والماء الصلح للشرب  والكهرباء والإنارة العمومية .
      - أحياء تفتقد لكل المؤسسات ذات الارتباط  بالحاجيات اليومية للساكنة الشعبية  من مستوصفات ومراكز طبية وصحية ومستشفيات  ومرافق إدارية  لتقريب وتسهيل الخدمات الإدارية للساكنة.
     - أحياء شكلت أعشاشا  لتنامي وتولد كل مظاهر الانحراف  الاجتماعي  التي سهرت أجهزة النظام على رعايتها وتشجيعها , خاصة بأوساط الشباب  من مخدرات  وتعاطي الخمور  والبغاء والنشل  وكل أنواع الإجرام  البسيط ( عنف . اغتصاب ...) وتحويلها إلى  خزان  انتخابي للأحزاب الرجعية والإصلاحية   ومافيا الانتخابات  مما حولها إلى كنتونات وإقطاعيات خاصة  برموز الإفساد السياسي  وتحريف الوعي الطبقي .
       فبالاستناد إلى طبيعة التشكيلة الطبقية للساكنة ولطبيعة وخصائص الأحياء ,والظروف الاقتصادية / الاجتماعية التي شكلت السياق التاريخي الخاص بالانتفاضة  تبرز وتتضح   بشكل دقيق الأسباب العميقة  المؤثرة والأساسية في ولادة حركة الانتفاض والتي يمكن حصرها أساسا في :
    العمل الاقتصادي وهو الأساس والمحدد . وعنوانه وعناصره : فقدان  مصدر العيش الأساس ,  ذلك أن الأغلبية الساحقة من سكان الأحياء الشعبية  التي أشعلت وفجرت الانتفاضة الشعبية  عاطلة عن العمل  بصفة مستمرة وبنيوية , أو  أنها مجرد أجراء بالعمل اليومي والموسمي المؤقت , فضلا عن البقية الباقية من جماهير هذه الأحياء لا تكاد تملك ما  يوفر الحد الأدنى من مقومات العيش وتغطية التكاليف الباهظة  لأسعار  الإيجار  السكني ومحلات التجارة الصغيرة ,  إضافة إلى الفئة أو الشريحة المعتاشة من العمل اليدوي الحرفي الذي شهد أزمة خانقة بفعل المنافسة الضارية للمنتوجات المصنعة   بالوسائل العصرية وبأقل التكلفة .
 عامل سياسي / معنوي محفز لروح التمرد : ذلك الأحياء التي شهدت  الاحتجاجات الشعبية القوية , تستقطب ضمن تشكيلتها السكانية نسبة كبيرة من القوة العاملة من أبناء البروليتارية المدينية العاملة بالأحياء  الصناعية  سيدي ابراهيم , عوينات الحجاج , الدكارات , بنسودة   واوراش البناء  والمعامل السرية التقليدية الغير المهيكلة بألا حياء القديمة(  سيدي بوجيدة , الرصيف  , واندو ...)   بمختلف أنواع نشاطاتها الانتاجية,  وهي نسبة كبيرة من ساكنة  هذه الأحياء التي تملك وعيا نقابيا بحكم  تاطيرها في التنظيمات النقابية  المتواجدة بالساحة أو منخرطة في تنظيمات سياسية  ديمقراطية / إصلاحية وتنظيمات نقابية...)   إن  هذه  الخلفية جعلت جماهير الأحياء وخاصة,  تمتلك نصيبا من الوعي النقابي والسياسي  يؤهلها أن تتلمس الفروقات الطبقية  ومعرفة أسبابها , رغم طابعه  المتدني أو المنحرف عن الفهم والإدراك الطبقي السليم والثوري , يضاف لذلك وجود شريحة ونسبة عريضة من الشباب المتعلم , ألتلاميذي و الطلابي الشباب الذي اتسم بارتباطه الكبير والقوى بتيارات اليسار الثوري في الستينات والماركسي اللينيني فيما بعد هذا العقد إلى الآن ,  او المتسرب من الأسلاك التعليمية وما يلعبه  من دور في  بلورة أفكار  التمرد والحقد على كل مظاهر البذخ والترف المتجمع في القطب الأخر من تشكيلة الطبقات على مستوى المدينة والمجتمع عموما . مع وجوب الإشارة إلى  معايشة سكان الأحياء الفقيرة والهامشية , التي شكلت بؤرة وشرارة الانتفاضة , لواقع الفوارق الطبقية الفاحشة والواضحة بشكل جلي , من خلال  الفوارق بين الأحياء  التي تعكس هذه  الفوارق  والتفاوتات  الاجتماعية الصارخة ( فاس المدينة , طريق ايمزار ...)   .  كلها عناصر  تجمعت   وتفاعلت مع واقع البؤس والشقاء  والإقصاء والتهميش  لتنتج شرارة الانتفاضة  الشعبية    المجيدة .
في قلب الانتفاضات الشعبية :   الوقائع والدروس
        بدأت  الانتفاضة الشعبية  بأحياء المدينة  , بشكل  يكاد منظما  ومحكم التوجيه بحيث  توحد حول التوقيت  والفعاليات بشكل شبه متطابق  بين كل الأحياء , وكانت البداية كالعادة بتجمع شباب الأحياء  بساحات ومداخل الأزقة الكبرى  في شكل حلقات  لمتابعة مستجدات الإضراب العام وتداول الأخبار والمعلومات .  خاصة وان الأيام السابقة على دعوات الإضراب  على مستوى المدينة , كان توحي بحركة استباقية على  العادة للنظام وأجهزته من حيث إنزال  القوى البوليسية القمعية بتنوعها بالأحياء  , وإشعار أصحاب المحلات التجارية الكبرى بمراكز المدن  والأحياء بعدم فتح المحلات يوم الإضراب آو بإرغامها على فتح المحلات حسب  ظروف كل منطقة وحي, فضلا عن إصدار إعلانات الوعد والوعيد والإرهاب عبر وسائل الإعلام النظامية وتسخيرها في حملة دعائية شرسة  لترهيب الجماهير وتخويفها . وهي كلها وقائع رفعت من درجة الترقب والاستعداد والحافزية والجهوزية لجماهير الأحياء للانخراط في أي حراك شعبي  ضد الوضع القائم .
      هذه التجمعات  الصغرى شكلت بداية تكون وتبلور  قوة التمرد,  بعدما حاولت أجهزة النظام وفرق البوليس والمخازنية تفريقها ,  وتسخير  شاحنات النقل الحضري لتوفير النقل بالمجان من الأحياء المترامية بالأطراف إلى مركز المدينة , وإسناد سياقتها لعناصر العسكر لتكسير إضراب النقل العمومي والحضري في إطار سياسة التشتيت ودرء مخاطر انفجار الأوضاع في الأحياء  الفقيرة ذات الكثافة السكانية .
       هي نفسها  الإجراءات والتحركات التي استوجبت ردا جماهيريا شعبيا بالاحتجاج السلمي على ذلك  بالشعارات  والرد في حجم التدخل ,  وكانت الشرارة الأولى التي أشعلت نار الانتفاضة بكل عنفوانها وقتها , والتي سرت كما تسري النار في الهشيم . خاصة بعدما انطلقت  حملات العنف والتنكيل  في حق شباب الأحياء بن دباب  وباب الفتوح  واحتجاجاتهم السلمية  باستعمال الغاز المسيل للدموع بالضرب بالهراوات والهجوم على الحشود البشرية المتدفقة بعربات البوليس والمخازنية . وبالقدر الذي  تصاعدت به  حدة التدخل القمعي , تصاعدت حدة الاصطدام واتساع دائرة الانتفاض واستقطابها  لشرائح واسعة من سكان الأحياء ,  التي خرجت بشيبها وشبابها رجالها ونساءها  لمقاومة قمع أجهزة النظام بكل ما يلزم من الوسائل والأساليب , وتنوعت ادوار جميع الفئات العمرية والجنسية في صياغة أسلوب المقاومة ,  لتنقل حركة الانتفاضة إلى تنظيم الهجوم على معاقل النظام ,  وعلى كل ما يرمز له في نظر الجماهير الشعبية المنتفضة  في حدود وعيها وتقديرها لذلك .
        هكذا استهدفت الحشود مقرات البوليس والمقاطعات وفي نفس الاتجاه وبالتلازم  استهدفت أهم المحلات التجارية والفنادق ومحطات البنزين لرمزيتها ودلالتها على الترف والغنى الذي يتجمع في القطب الاستغلالي المقابل لواقع الجماهير المنتفضة .
و تواصلت الانتفاضات في التوسع عموديا في التحام بين جماهير الأحياء وتدفقها كأنهار بشرية , بحشد كل أبناء الأحياء وانتقالها إلى مستويات أكثر ضراوة في المقاومة  والهجوم وصلت إلى درجة تحرير الأحياء المنتفضة وجعلها خارج سيطرة أجهزة النظام القمعية والإدارية .
      إنها الوقائع التي أرعبت  النظام والبورجوازية الفاسية  وكبار  البيروقراطيين  وخدام النظام  بمؤسسات القمع الغير المباشرة ( قضاة وغيرهم )  التي حزمت حقائب الرحيل عن المدينة,  وأخلت  الأحياء الراقية ( طريق ايمواز )  بعدما فرض طوق الحراسة الخاصة على املاكها  .
      وعلى عادة  النظام وانسجاما وطابعه الفاشي الدموي صدرت الأوامر من راس النظام  لإنزال القوة العسكرية بعد إخضاعها لعملية انتقاء دقيقة بالتركيز على أبناء المناطق البعيدة  أو  المنتمين لقبائل العرببات الصحراوية بقيادة العناصر الفاشية   الأكثر ولاء للنظام لتفادي أية تململ أو تمرد في أوساط الجيش  بحكم انتماءه لأبناء فلاحي وعاطلي وفقراء المنطقة والأرياف المجاورة لها ( جبالة . بني وراين . بولمان صفرو .. شراكة ..الأطلس  الصغير والمتوسط والشرق ) وبدأت مجازر القتل الجماعي  باستعمال جميع أنواع الأسلحة   بما في ذلك مدافع الرشاش والطائرات المروحية التابعة للجيش والدرك  ,  والتي نشرت رفقة فرق الجيش المتنقلة الموت بجميع الأحياء  الشعبية للمدينة  , وصلت حصيلتها مئات لشهداء   القتلى أو الذين دفنوا في مقابر مجهولة إلى ألان أحياء بعد إصابتهم بجروح بالرصاص الحي,  ومئات  المعتقلين  الذين وضعوا في ثكنات المخزنية والسيمي والعسكر  والدرك والوقاية المدنية , وحتى في بعض الخيرات التي أخليت من قاطنيها , ولتأكيد  توصيف  الحسن الثاني للجماهير المنتفضة ( الشفارة والسراق..) , انصبت  حملة الاعتقالات  في نسبة تصل إلى  تسعين في المائة من المعتقلين على  العاطلين  والعمال المياومين  والتجار الجائلين وأصحاب السوابق البسيطة  وخاصة المنحدرين من الأرياف. ومع إحكام القمع الأعمى والأسود  وانتشار القتل  لكل ما هو متحرك بالمدن  لم تستسلم  الجماهير  الشعبية وشبابها  للواقع وظلت المقاومة بأقل حدة وعلى شكل حرب العصابات  دون سلاح من طرف الجماهير  بأحياء متفرقة  أيام الانتفاض ) عوينة الحجاج ,بنسودة , بن دباب ...) ,  إلى أن انطفأت وخبت نارها وبقيت المدن والجماهير تلملم جراحها  وتنقل مشاهد المجزرة  بين أجيال المدينة والأرياف والقرى المجاورة   وضيوفهما . دون أن تتخلى عن الحق العادل في القصاص  والانتقام للشهداء  والجرحى والمعطوبين ومجهولي المصير . ودون أن تنسى خيانة  الكل  باستثناء الجزء  وعلى راس جوقة الخيانة  والردة الأحزاب الإصلاحية  واذرعها النقابية . خيانة كانت لها عناوين متعددة :
العنوان الأول : استثمار  الانتفاضة والارتزاق بدماء الشهداء
في أعقاب  الانتفاضة كانت  الأحزاب الإصلاحية ويسار البورجوازية الصغرى وخاصة الشريحة العليا منها تتقدم جوقة المتاجرين  والمسترزقين على دماء الشهداء واعطاب جرحى المجازر الدموية  في تحسين مركز تقاسم الريع السياسي  ورفع أسهم الاستفادة من ذلك التوزيع الذي تسهر عليه داخلية النظام من خلال التناور السياسي داخل مؤسسة النظام الشكلية والمزورة بتقديم ملتمسات سحب الثقة من  الحكومات . وطلب تشكيل لجن تقصي الحقائق في الأحداث ( حسب توصيف  هذه القوى )
وهي المناورات التي تولدت عنها  تشكيل لجنة  انتهت إلى طمس الحقيقة وتقديم خلاصات تثبت ما جاء في خطاب الحسن الثاني  ومفاد ذلك بكل اختصار: تجريم حركة ومقاومة الجماهير الشعبية  لأجهزة قمع النظام وتجريم انتفاضة الجماهير دفاعا عن حقها في العيش الكريمة الانعتاق .  و تشويه الانتفاضة الشاملة بكل مقوماتها  وعبرها الثورية  وتسويقها للرأي العام كمجرد أفعال  إجرامية من صنع  الأوباش والمجرمين وعصابة السرقة والنشل من الغرباء عن المدينة الجميلة والهادئة  .( من خطاب الحسن الثاني )
وتولدت عنها أيضا  استجابة جزئية للنظام لمطالب الأحزاب الإصلاحية بل الصحيح تقديم رشاوي سياسية ( ريع سياسي ) للقوى الإصلاحية بإعلان  تراجعات جزئية عن بعض الإصلاحات , حملة لتوظيف الشباب  الحامل للشهادات التعليمية والتكوين المهني  عبر مؤسسة استشارية تضليلية ( مجلس الشباب والمستقبل ) واسناذ رئاسته لعضو بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وقادة من حزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية . والإعلان عن تعديلات دستورية توسع من مجال استيعاب ودمج واحتواء  النخب الجديدة  في نسق النظام السياسي وخاصة الصاعدة من الوسط النقابي والحرفي ( توسيع مشاركة الأجراء والحرفيين  في مجلس المستشارين )
العنوان الثاني : السقوط وخيانة دماء الشهداء ومطلب الجماهير الشعبية  بالمدينة  والمغرب عموما في الحقيقة والمحاسبة
وما إن كان  راس النظام يتوجه بخطابه الشهير إلى الشعب المغربي  لعرض رأيه في وقائع الانتفاضة الشعبية  العظيمة  وفعالياتها  وتحديد  التوجهات الكبرى  لخدامه في معالجة أثارها وتأثيرها الواضح في جدار المصداقية والثقة لدى للجماهير المنتفضة في النظام ووعوده وشعاراته  . وإعلانه في تحدي صارخ لجوقة الأحزاب الإصلاحية واذرعها النقابية عن مسؤوليته الكاملة والمباشرة في إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب المجزرة في حق الجماهير  الشعبية بأحياء المدينة  وساحاتها المشتعلة ( نتذر اعترافه الشهير  اثناء الخطاب المذكور حينما قال : لمن سال عن المسؤول عن استعمال لارصاص .. اقول له انا من امر  بذلك ..)  حتى كان يدوى السقوط الكبير لهذه الأحزاب والنقابات  وتوابعهما الإعلامية والجمعوية وغيرها , بالانخراط في مؤامرة الصمت والتواطؤ العلني  ضد جماهير الشعب المغربي الكادحة  ومطالبها الملحة ومطامحها التاريخية في الحرية و الانعتاق من ربقة الاستغلال والقمع الدموي , تواطئ دشن مرحلة جديدة  في مسار خيانة الدماء الطاهرة للشهداء المسكوبة  بأزقة  ودروب وساحات  أحياء المدينة الجريحة  وتكرر ذلك مرارا من   انتفاضة 23 مارس 65 وما تلاها من انتفاضات  يونيو 81 ويناير 84  وكان الزمن الثوري المغربي متوقف ويعيد تكرار نفسه بطريقة تراجيدية هذه المرة . ولم نعد نسمع خطابات   من قبيل بيننا والنظام جثث الشهداء  ودماء الأبرياء وسقط مع سقوطهم  المدوي مطلب الحقيقة والمساءلة  وخرست الألسن إلى اليوم . وتبع ذلك انخراط جوقة النقابات الذيلية  في  سيمفونية ومنظومة النظام   والتحالف مع الرأسمال ضد مطامح الطبقية العاملة وهذه المرة  تحت مسميات" المقاولة الموطنة والنقابة المواطنة"  أي النقابة المتواطئة مع الرأسمال  الامبريالي و الكومبرادوري الذي فتح له النظام  كل إمكانيات مراكمة الأرباح وتضخيم فائض القيمة من خلال مخطط الخوصصة  وتفكيك   القطاعات الاقتصادية الدولتية  والشروع في تعديل قوانين الشغل  وقانون الاستثمارات   وتخصيص ميزانية من مالية الشعب والضرائب لدعم المقاولات المتوسطة في إطار مخطط وإستراتيجية توسيع  قاعدة الطبقات الوسطى   وبناء حزام الأمان  لضمان  استمرار النظام الحاكم  بجوهره الفاشي  واختياراته وتوجهاته اللاوطنية .
ووصل التواطؤ والخيانة قمتها  من خلال العنوانين التالية :
*/ التخلي عن  المعتقلين  ضحايا الاعتقالات التعسفية والعشوائية  التي شملت ألاف المعتقلين   اطمروا في سجون النظام لمدد طويلة وبأحكام جنائية ثقيلة  وصلت إلى 30 سنة والمؤبد .
*/ طمس حقيقة  المجازر الدموية والقتل  العمد  بالجملة لمئات المواطنين  العزل  وشباب الأحياء المنتفضة .
*/ إخفاء  الأرقام العقيقية لعدد الشهداء ومجهولي المصير / المختطفين  ومقابر الدفن الجماعي والفردي إلى ألان .
*/ طمس الذاكرة  من خلال الانخراط في فرض واقع الصمت والكبت على الضحايا  وذوي الشهداء وشهود عيان المجزرة .
*/ التواطؤ مع النظام  في تصفية  الطبقة العاملة  بالمدينة ,عبر تفكيك  القطاع الصناعي( سيدي ابراهيم ) وإغلاق المصانع والتسريح الجماعي للعمال  بما فيه اكبر مركب للنسيج بافريقيا  التابع للدولة  كوطيف .
*/ التواطؤ والانخراط في تفكيك  وحدة المدينة  وضرب  مراكز التجمع الشعبي  ذات الثقل والتأثير الكبير , وتقسيم المدينة  بما يحولها إلى مدن معزولة ومحاصرة ومسيجة  من خلال التقسيم الإداري / الأمني وتبوئ أقطاب الأحزاب الإصلاحية  والرموز النقابية مهام تدبير الإستراتيجية التفكيكية والقمعية  من خلال  نظام التسيير الانتخابي  للمقاطعات والمجالس ( شباط وقبله زمرة الاتحاد الاشتراكي ) .
دروس الانتفاضة  ومتطلبات النهوض  .
انه لمن المسلم به  في  المنظور والتصور الماركسي اللينيني أن آية حركة تتغيىى  بناء مستلزمات  التغيير الثوري  وتوطين واستجماع عناصر التأثير الايجابية لصناعة التحول الكبير  مطالبة في كل مرحلة ولحظة مفصلية في صيرورة الصراع الطبقي  إجراء تقييم شامل لدورها  وممارستها وإخضاع مواقفها وتقديراتها للأوضاع  للتقييم والمساءلة في ضوء نتائج الهبات والانفجارات الثورية الكبرى  . كما انه من المسلم به أيضا أن آية تجربة مهما كانت نتائجها كارثية في سيرورة تطور الثورة ونموها وتصاعدها , تتقى محطة ايجابية بمعنى ما تستخلصه من دروس وعبر   لتقدير أسباب الإجهاض والفشل   وأبعاد وجوانب التقصير والأخطاء سواء ذات البعد التكتيكي أو الاستراتيجي في المرحلة .
الانتفاضة الشعبية الدجنبرية  كغيرها من الانتفاضات  أفرزت عبرا ودروسا كثيرة ,  الماركسيين اللينينين المغربية أفرادا  وحلقات  فكرية / سياسية وتنظيمية مطالبة باستخلاصها والبناء عليها في المدى المنظور والاستراتيجي :
الدرس / العبرة الأولى : القوة الهائلة  للمخزون الثوري  لجماهير الأحياء  وشبابها
إن متابعتنا الميدانية لانتفاضة دجنبر 1990 من موقع المشاركة فيها  ومن خلال ما استجمع بين أيدينا من معطيات  من  الفاعلين في الانتفاضة بكل احياء المدينة  واستقراء الأرشيف وبعض الدراسات الجزئية المتفرقة   كشفت بما لا يترك أي مجال للشك  ورغم اختلاف الدواعي والمحفزات  عن المخزون الكبير الثوري لجماهير الأحياء وخاصة الشباب  وهي في معظمها إما  عاطلة عن العمل أو تشتغل في عمل يومي وموسمي خاصة في اوراش البناء  واوراش الصناعات الخدمية ( السود ور . النجارة . الحدادة . الميكانيكا . الصباغة والمطالة  أو حراس مواقف السيارات والحراس الليليين للأحياء والمساكن والقيساريات التجارية ..)  وفي جزء كبير منها  في بطالة مقنعة بحكم اشتغالها في التجارة الجائلة ( الفراشة  والمتلاشيات ) وأصحاب الكراريس وطاولات المأكولات  والحلويات بالساحات والأزقة  وبائعي السجائر بالتقسيط  وماسحي الاحدية  فضلا عن جماهير الحرفيين والمتعلمين في اوراش الصناعات التقليدية المنتشرة بأحياء المدينة العتيقة  وهي في المنظور الماركسي اللينيني تدخل ضمن مكونات البروليتارية بحكم افتقادها لوسائل الإنتاج وكونها في عرض دائم لقوة العمل  بالسوق للرأسمال آي أنها يد عاملة فائضة عن الإنتاج  ..الخ
مخزون ثوري كبير بدا واضحا من خلال ضراوة المقاومة  لجحافل  الأجهزة العسكرية  والبوليسية  المدججة بمختلف أنواع الأسلحة  وترجمة في  الإبداع الراقي  لأدوات المواجهة والكفاح  لإفشال  حملات القمع والتقتيل  وكذلك من خلال  الاستعداد  الكبير للتضحية والاستمرار في المواجهة  رغم  قساوة  الهجمة التقتيلية الإجرامية  والحصيلة الثقيلة   للشهداء والجرحى والمعطوبين والمعتقلين.
الدرس / العبرة الثانية : وعي طبقي حسي على سكة التصويب والتجدير .
          رغم كل محاولات النظام  وإعلامه  وذيوله الحزبية والنقابية والجمعوية لتشويه حقيقة الانتفاضة الشعبية عبر تقديم وقائع  الهجوم على المحلات التجارية ومحطات الوقود ومراكز البوليس  والإدارات ومشاهد إضرام النار  لتبخيس  دلالات هذه الوقائع  والمشاهد  وطمس  الوعي  الخفي والمبطن   الذي أنتج هذه الأفعال , فان الحقيقة والدرس المستفاد من كل ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخفي  حقيقة  مهمة,  مطلوب البناء عليها  في  رسم الإستراتيجية الثورية والتكتيك السديد وفق متطلبات وشروط المرحلة والظرف .
        حقيقة أن  هذه الوقائع كشفت عن  وجود رصيد كبير  لوعي طبقي حسي  لدى الجماهير الشعبية المنتفضة , إذ ليس اعتباطيا   استهداف مراكز أجهزة القمع  ومكاتب أجهزة وزارة داخلية النظام  لما ترمز إليه في  وعي الجماهير  من  أداة للقمع والاضطهاد وبؤرة الأعداء  الطبقيين  المتسببين في ماسي المغاربة   واحتقارهم   والدوس على كرامتهم . كما انه ليس اعتباطا استهداف  كبريات المحلات التجارية  ومحطات الوقود والفنادق والمعامل  بحي سيدي إبراهيم وبنسودة وغيره من الأحياء  لما ترمز إليه ولدلالتها على  جبهة الأعداء  والمستغلين مصاصي عرق ودماء الكادحين , العاطلين والعاملين منهم .
         وعي  طبقي حسي  يعكس  من ناحية وضوح الرؤية  ظاهريا  لجبهة الأعداء   وأسباب ومصدر البؤس والاستغلال والفقر والاضطهاد كما يعكس بعدا جنينيا في حاجة إلى التصويب  والتأطير  السياسي  والتربية الثورية , لان منطق وحقيقة الصراع تستوجب  احتلال المعامل والمحلات الكبرى  وضمان الإدارة السليمة لها , من خلال لجن العمال الثوريين  ونفسه بالنسبة لمؤسسات النظام القمعية والإدارية .
عملية في تقديرنا  وكما أكدت  ذلك تجارب الشعوب والحركات الثورية  تتم من خلال التربية الثورية في معمعان النضال والصراع الطبقي الثوري  وحركة الثورة , التي تصنع أدواتها والية السلطة الثورية الجديدة كما هو أمر وحال كومونة باريس ومجالس السوفييتات  وغيرها ..
الدرس / العبرة الثالثة
القوى الإصلاحية والبيروقراطية النقابية  عنصر إجهاض  للتحول الثوري  .
لقد أكدت دروس الانتفاضة   خاصة وماقبلهما  وبعدها,  أن القوى الإصلاحية والقيادة البيروقراطية النقابية  كان لها الدور الخطير  في إجهاض مسار التحول الثوري ببلادنا  وأخرها انتفاضة 20فبراير  ادوار تخريبية  رجعية مدمرة للمخزون الثوري  انكشف في كل  الانتفاضات من خلال  حركة التناور السياسي   على حركة الجماهير الشعبية الكادحة  والركوب على نضالاتها وتضحياتها الجسام من اجل تحقيق مطامح فئوية ضيقة  تخدم بالدرجة الأولى الشريحة العليا من البورجوازية الصغرى المتنفدة نقابيا  والبورجوازية الوسطى وخاصة محترفي العمل الحزبي / السياسي لتحسين مواقع التفاوض/ الاستجداء لتحصيل مكتسبات لا تخرج عن نطاق الريع السياسي في إطار توزيع المنافع والامتيازات والعطايا المتنوعة التي يغدق بها النظام على خدامه. مناورة  خبيثة  جعلت فيها من دماء الشهداء وانين الجرحى والمعطوبين  وعويل الأسر المكلومة في أبناءها الشهداء والمختطفين ومجهولي المصير وقودا في حطب الخيانة .  دور يجعل من مهمة  الصراع ضد هذه القوى لإحباط وضرب تأثيرها ونفوذها على الجماهير الشعبية الكادحة  مهمة الساعة لليسار الماركسي اللينيني كما كانت في السابق  وتعقدت المهمة ألان  بعدما حصل  الإحباط العام  استغلته التيارات الفاشية الدينية  و أسهمت بذلك  في انعطاف  يميني خطير في مزاج الجماهير الشعبية بالأحياء  .

الدرس / العبرة الرابعة :
في الحاجة الى العمل المنظم وبناء مركز التوجيه والتخطيط
          إن مسارالانتفاضة وما قبلها وبعدها من انتفاضات وهبات اجتماعية    , و المواجهة البطولية لشباب الأحياء لحملات التقتيل , والإصرار على مواصلة المعركة  إلى النهاية ,  رغم المجازر الكبرى , والتي  وصلت في أحيان كبيرة وخاصة في الايام الأول من كل  انتفاضة إلى تحرير الأحياء  وإعلانها مناطق  خالية من الوجود لأجهزة النظام ,  كشفت عن  نقطة ضعف قاتلة  وبنيوية  في الانتفاضة  كان لها دور كبير  في انكفاءها  وتراجعها .
      يتعلق الأمر بطبيعة الحال , بغياب مركز التوجيه والتخطيط  والقيادة العملية والسياسية  لحركة الانتفاضة  , مركز قادر على إنتاج  أدوات المواجهة  ومقومات الصمود والاستمرار والتي كانت  ستكون لها  نتائج في تحويل مجريات المواجهة , بما كانت  ستخلقه  من امتداد الانتفاضة لشمولها وتغطيتها لكل جغرافية الفقر والاستغلال والبؤس والشقاء بالوطن الأسير  , ومن انفجار للتناقضات في أوساط المؤسسة العسكرية وخاصة الجنود  بحكم  انتماء اغلبهم للاسر الفلاحية الفقيرة ببوادي المغرب وفقراء احياء المدن وابناء العمال , ولانهم كما قال عنهم لينين"  الفلاحين دوي البزات العسكرية"  , ووعي النظام والقيادة الفاشية للجيش بهذه  الحقيقة, ووعيه وادراكه  بانتماءها  للقرى والأرياف  المهمشة  ,وخاصة  إقليم تاونات  , تازة , بولمان , ميسور اوطاط الحاج ,  إضافة إلى مناطق الغرب ' سيدي قاسم جرف الملحة ...الراشيدية بوعرفة ومناطق الاطلس المنكوبة  وهي نفسها المناطق  التي تشكل جغرافية انحدار جماهير الأحياء الشعبية المنتفضة  في اغلب المدن , هذا الوعي  لدى النظام هو الذي كان حاسما في تحييدهم من المواجهة  المسلحة  وإسنادها   لفرق مستقدمة من مناطق بعيدة عن كل مركز الانتفاضة , وباستثمار خبيث للفروقات وبعض النزعات  القبلية التي ما فتئ النظام يزكيها وينميها بشكل مدروس ومنهاجي ( شلوح / عرب , عروبية / مدينيين / الداخل / صحراوة ,,,)  بقيادة الزمرة   الفاشية / الدموية  حسني بن سليمان . عروب .  بناني . إدريس البصري  وقبلهما اوفقير  الدليمي الاخوان  العشعاشي وتوجيه مباشر من راس النظام .:

           إن  مسيرة وتجربة حركة  الانتفاض الشعبي  وما  نتج عنها من  مجازر   وحشية  تفرض على المناضلين  الثوريين الماركسيين اللينينيين بالدرجة الاولى الانكباب  بكل ما تقتضيه المسؤولية والالتزام الثوري  على استقراء حركة الانتفاضات  الشعبية  ودراسة  اسبابها العميقة  وعناصر اجهاضها وادوار الطبقات والفئات الاجتماعية فيها  وادوار التيارات والقوى السياسية  / الاجتماعية  فيذلك لاستخلاص ما يتعين  في رسم البديل والتكتيك الثوري السديد   بالاستناد على ما يموج به واقع الصراع الطبقي  ببلادنا وحركة الانتفاض المستمرة  بشكل مجتزا  ومتفرق ومتعدد الاطياف الاجتماعية / الفئوية ( حركة الانتفاض ضد غلاء الاسعار وتسعيرة الكهرباء والماء الصالح للشرب ـ الفراشة والباعة الجائلين ـ المعطلين ـ فقراء وصغار الفلاحين  انتفاضة الحسيمة الحالية ضد الحكرة والقتل  بمخافر الاجهزة القمعة ...)
بقلم : الفطواكي انفير
   

            

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014

اراء حرة ..... وثائق ومناقشات

اراء حرة ....وثائق ومناقشات - استقلال ام استبدال طبقي ؟