"في سياق التفاعل والتجاوب مع دعوة  " الفجر الاحمر " لفتح نقاش جدي وعميق حول مسائل وقضايا  الخط الفكري والسياسي  الماركسي - اللينيني بالمغرب  , توصلنا بمساهمة  من الرفيق  انفير  ننشرها على صفحات المدونة املين ان  تفتح ورشا من الجدال والمقارعات الفكرية والسياسية  بين المنتمين للفكر والخط الماركسي - اللينيني بالمغرب  وهي دراسة تتضمن ثلاثة اجزاء  نعمل اليوم على اطلاق الجزء الاول منها على ان نتبعها بباقي الاجزاء ..."

قضايا ومسائل الخط الفكري ـ السياسي
مساهمة اولية في النقاش والسؤال
ـ الجزء الاول ـ
بقلم : الرفيق انفير
مدخل  لابد منه
تشهد ساحات النقاش  المفتوح بين مختلف الحلقات والمجموعات اليسارية التي تعلن الانتماء للتيار الماركسي اللينيني بالمغرب فورة عارمة في طرح  أفكار  ومحاولات صياغة أجوبة على إشكالية  بناء  أداة التغيير المجتمعي ببلادنا , حيث يلاحظ  إجماعها ـ مع تسجيل الفارق والاختلافات طبعا - على التأكيد على الضرورة التاريخية لبناء حزب الطبقة العاملة كشرط أساسي لتحقيق مهام التغيير ببلادنا ,.

لان كان هذا الإجماع وعلى ملحاحية وراهنية  المهمة  مسالة مهمة , فان عدم تقديم الجواب على سؤال البناء وتحقيق الضرورة يشكل نقطة ضعف مختلف هذه الأطروحات, إذ لا يكفي تشخيص الإعطاب وتسطير المعضلات واستخلاص الضرورات بل الأهم والملح الإجابة على سؤال المرحلة او على الأقل تقديم مقترحات أولية لبدء نقاش جدي نضالي وتاريخي حول المسالة .
ومن باب الإسهام في بناء الخط الفكري والسياسي  للثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ليشكل محور قيادة  وتوجيه  وتنظيم كفاح الطبقة العاملة المغربية وحلفاءها  الاستراتيجيين  وكفاحات المناضلين  الفاعلين في جميع مواقع المجابهة اليومية  والمنخرطين في معمعان الكفاح اليومي  وعلى خطوط التماس  بجبهات الحرب الطبقية الضروس في مواجهة النظام وأجهزته وسياسته القمعية  الفاشية
وانطلاقا من تقديرنا الذي يبقى نسبيا  ولا يدعي الحقيقة   المطلقة الغير موجودة ومحققة أصلا أن عملية البناء  وتحقيق الضرورة التاريخية  يجب أن ينطلق من  حقيقة تاريخية  أثبتتها المسيرة الطويلة لكفاح البروليتارية المغربية  والشبيبة المغربية الثورية   أن التيار المركسي اللينيني   يشكل جزءا مركزيا وأساسيا  في الواقع السياسي وواقع الصراع الطبقي  ببلادنا  من فترة الاستعمار المباشر إلى ألان  وان دوره فاعلا في  حركة الصراع والنضالات التي يشدها المغرب .
ولان الأمر كذلك فان واقعه الراهن  يجعل تأثيره رغم حجم تضحيات مناضليه وقادته  الذي وصل  حد الاستشهاد ( الشهيد القائد عبد اللطيف زروال . وجبيهة رحال  وعبد الله الحداوي .. . وغيرهما من الشهداء ) غير منتجا لما هو مأمول منه  وما هو مسنود له من دور في قيادة حركة التغيير الجدري.  ومرد ذلك إلى عوامل متعددة لعل أبرزها  افتقاده للوحدة الفكرية / الإيديولوجية والسياسية وترجمتها تنظيميا في بناء صلب ومتين  وقوي  ويزيد من تعميق هذا الضعف  والتشرذم والتشتت والتفكك  افتقاده لوضوح الرؤية  سواء في الشق المتعلق  بالمرجعية  الفكرية / الاديولوجية  أو الخط السياسي  رغم  الإجماع المعلن على طبيعة الثورة  وعملية التغيير بما هي ثورة وطنية ديمقراطية شعبية .
فانا إذ نعتبر أن عملية البناء  ونشدد على أنها جزءا بل هي في صلب العمل والكفاح اليومي  وعلى مختلف الواجهات وتتم وفق صيرورة معقدة  حيث في مجال الممارسة الميدانية والواقعية يتم اختبار التصور النظري  وسدادة الخط السياسي وفرز  الطاقات المناضلة والمتشبعة  بالروح الثورية  والصلبة القناعة والمراس النضالي  ولذلك فان الممارسة  بما هي المحك فإنها  تستوجب  وضوح في الرؤية  ووضوح في المرجعية الفكرية – الاديولوجية والسياسية والا ظلت ممارسة عمياء وتجريبية   تفتقد لخطة منهاجية وضوابط ومحددات وتسقطها في العفوية والارتجالية المميتة .  ومن هنا في رأينا   تأتي أهمية بيان  الإطار المرجعي   في جميع إبعاده  الفكرية / الاديولوجية و الطبقية / الاجتماعية  وبرنامجه السياسي الذي يشكل سند خطه السياسي المرحلي والاستراتيجي .

إنا في هذه المحاولة  لا ندعي الإجابة على السؤال , بقدر ما انها محاولة لصياغة الاسئلة  الصحيحة  , لتقديرنا واقتناعنا أن هذا الجواب هو مسالة تاريخية أولا وثانيا لأنها مهمة جمعية ومجتمعية , لكن بكل روح المسؤولية والالتزام الاجتماعي والفكري / الإيديولوجي والسياسي أيضا نقدم على مغامرة الدعوة إلى نقاش هادئ من خلال عرض لرأي متواضع لا يخفي استلهامه لروح قائد أول ثورة بروليتاريا في القرن العشرين وإعادة صياغة نفس سؤاله وهو : بما نبدأ ؟بدل سؤال ما العمل ؟
وفي تقديرنا نرى أن البداية تكمن في الجواب على سؤال الهوية والمرجعية بأبعادها الثلاث : الفكرية / الإيديولوجية , الاجتماعية / الطبقية والسياسية البرنامجية .
في سؤال  الحزب /  اداة التغيير المجتمعي  المطلوبة  والمنشودة  

ـ حزب الطبقة العاملة  المغربية أو بالاختصار الواضح , الحزب الشيوعي .
ـ قيادة أركان الطبقة العاملة المغربية وحلفاءها ( الفلاحين الفقراء وكل الشرائح الاجتماعية المستغلة ..) تحت هيمنتها وقيادتها فكريا وسياسيا وطبقيا
ـ التعبير النظري والسياسي البرنامجي عن
المصالح العليا  للطبقة العاملة المغربية
ـ التجريدة المتقدمة (الطليعة ) للطبقة العاملة وحلفاءها الطبقيين .
ـ الفصيلة الأكثر تنظيما والأكثر وعيا من الطبقة العاملة وحلفاءها .
ـ سلسة ومجموعة وظائف متداخلة ومترابطة ومتفاعلة جدليا ( فكرية / نظرية ـ سياسية ـ دعائية ,تحريضية وتشهيرية ـ تنظيمية ـ عملية ميدانية .....) تتغيى وتتجمع كلها عند المهمة المركزية الأهم خلق شروط الثورة الاجتماعية وتأهيل الطبقة العاملة وحلفاءها لخوضها .
ـ تنظيم ومركزة للطاقات الثورية وتأهيلها وتسليحها نظريا وسياسيا .
ـ تخطيط منهاجي علمي ودقيق لتكتيكات الهجوم على معاقل العدو لإضعافها بعد عزلها وتطويقها وصولا إلى القضاء عليها وتنظيم لتكتيكات التراجع بما يضمن إعادة تجميع القوى من اجل تنظيم الهجوم بشكل أكثر قوة وتوهجا .
في سؤال  الضرورة القصوى لوضوح الرؤية بخصوص المرجعية الفكرية
إن تأكيدنا على أولوية الجواب على سؤال المرجعية  ليس بدافع التميز أو أملته اعتبارات ذاتية بقدر ما انه شرطا أساسيا لأية عملية بناء بل لأنه الأرضية التي على أساسها تتحدد كل الخطوات العملية الملحة , لأنه بالقياس على الثورة البلشفية التي تشكل المرجع الأهم والأكثر جاذبية وجدارة في الاستلهام والاستفادة التاريخية من تجارب الشعوب والإنسانية , فإننا وعلى خلاف ما سارت عليه مختلف التجارب التورية المغربية وخاصة من سبعينات القرن الماضي , فانه في تقديرنا لم تصل الثورة المغربية الكامنة بأحشاء المجتمع المغربي في المرحلة المعاشة ومنها الحركة الثورية بمختلف تياراتها ومجموعاتها إلى زمن صياغة اطروحات ما العمل بل إننا لانزال نعيش زمن البدايات الأولى وزمن طرح هوية ومرجعية الحزب الذي تفرضه المرحلة وطبيعة النظام  الاجتماعي الاقتصادي السائد ببلادنا ومكوناته الطبقية ونظامه السياسي , وهو السؤال الذي أملته التطورات التي عرفتها الحركة الثورية العالمية وخاصة الشيوعية ومنها المغربية ما بعد الانكسارات والفشل / الاجهاض  الذي عرفته هذه التجارب والذي افرز إجابات متعددة إلى حد التناقض بين مكونات الحركة .

بالإضافة إلى كل فان المرجعية  الفكرية والسياسية مسالة معاشة  سواء كانت واعية ومدركة أو مطموسة محجبة , يعكس فيها اليسار موقعه الاجتماعي ويدرك من خلالها مصالح قاعدته  الطبقية بحسب ما يحدده وجودها الاجتماعي وموقعها في علاقة الإنتاج في ظروف تاريخية محددة . ولان الطبقة العاملة  والجماهير الشعبية الكادحة كذلك صانعة التاريخ فان هويتها الاجتماعية لا تتعين فقط في مسلسل الإنتاج المادي الذي يحدد نمط حياتها ووجودها الاجتماعي بموجب تقسيم العمل وقوانين التناقض,  وإنما تكتمل أو بالأحرى تتجلى في النهاية في أشكال من الحياة الروحية والثقافية والوعي الطبقي التي تعكس تناقضات العالم المادي وصراعاته وتقاطباته  , متغذية بما راكمته البشرية من خبرات وتجارب في الحياة ومعارف متحدرة من تاريخهم البعيد وخلاصات ودروس كفاحاتهم عبر التاريخ .

ولعل ذلك ما يجعل من استحضار قضية / مسالة المرجعية التوجيهية بالنسبة لتا في هذا الإطار مسالة أساسية وجوهرية على اعتبار أن وضوح الخط السياسي للحزب المنشود يتوقف على امتلاك مرجعية نظرية فلسفية وإيديولوجية واضحة وشاملة , تشكل منطلقاتنا في تحديد اختيارات تيارنا الماركسي اللينيني والحزب المنشود , السياسية في مرحلة محددة من مراحل الصراع والنضال من موقع طبقي / اجتماعي واضح ,  تتغيى تحقيق مصالح وأهداف الطبقة التي هي أهداف التيار / الحزب الذي ليس إلا تعبيرا سياسيا وفكريا عنها فحسب , وإنما أيضا تضبط وتبرز انحياز التيار / الحزب الواعي والاختياري لقضية الطبقة العاملة والطبقات والشرائح الاجتماعية المستغلة والمضطهدة في مجتمعنا وتحكم تحالفات التيار / الحزب وتكتيكاته السياسية ومواقفه من كل القضايا والمطالبات والحركات الاحتجاجية على صعيد بلدنا والعالم اجمع .

إننا لا مفر من معالجة مسالة المرجعية في أبعادها الثلاث اقتناعا منا بان عملية الانتقال من وضعية التيار العام إلى البناء والتأسيس للحزب. وبان الممارسة السياسية بدون مرجعية نظرية / فكرية تسندها وتوجهها لن تكون سوى تجربة عمياء , كما أن إعلان الهوية المكتفية بنوايا المرجعية الإيديولوجية المجردة وبدون تحديد أهداف إستراتيجية واضحة وخط سياسي يؤسس لتحقيقها في ظروف محددة ملموسة ومدركة لقوانين التطور الاجتماعي وحركة الصراع ويستندان للطبقات المستغلة وفي الطليعة الطبقة العاملة في مجتمعنا  الذي نهدف إلى  تغييره بنيويا سيظل مجرد عبارة جوفاء .

1 / في مسائل المرجعية الفكرية / النظرية والإيديولوجية للحزب وخط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية

البحث والإجابة على سؤال المرجعية الفكرية والإيديولوجية للحزب الجديد ليست مسالة طارئة بل هي جزء من السؤال الذي واكب الحركة الثورية المغربية مند نشأتها في أعقاب الاستقلال الشكلي للمغرب إن لم نقل تمتد جذورها إلى ما قبل هذا التاريخ بكثير. لذلك فالجواب على سؤال المرجعية النظرية والفكرية للحزب لا يعدو أكثر من تأكيد على المسلمات وخلاصات القراءة الموضوعية والنقدية الثورية للتجربة الثورية المغربية خاصة وتجربة الحركة الشيوعية والعمالية العالمية عامة .

إننا في هذه المساهمة نؤكد أن الحزب المنشود يجب أن يستمد توجهاته وبرامجه وأهدافه الإستراتيجية والمرحلية بالارتكاز والاستناد على النظرية الماركسية ـ اللينينية التي أغنتها وبلورتها التجربة الثرية للبروليتاريا العالمية وبالاستفادة من اجتهادات الإنسانية في مجال العلوم الإنسانية ومن التجربة الثورية البروليتارية العالمية التي تبقى تجارب وإضافات نوعية نستفيد من إخفاقاتها ونجاحاتها واستخلاص دروسها بحكم ريادتها في التاريخ المعاصر ومجال لاختبار النظرية نفسها .
إن التأكيد على ماركسية ـ  لبنينية الحزب يطرح علينا جملة من الأسئلة والتساؤلات لعل أهمها في تقديرنا :
ماذا يعني أن نكون ماركسيين – لبنينيين في القرن الواحد والعشرين وفي زمن العولمة ؟
في سياق الإجابة نحن ملزمين بحسم جدال طال جميع التيارات المغربية التي تزعم استنادها للماركسية – اللينينية حول المعنى والقصد . إنا نفهم الماركسية – اللينينية وعلى خلاف التصورات التحريفية البورجوازية الصغرى التي سادت في أوساط اليسار المغربي في بعديها النظري التجريدي والواقعي/ المادي التاريخي :
اولا  من الزاوية والبعد النظري التجريدي :
 إنها النقد الشامل والجدري لأسس النظام الرأسمالي ومرشد عمل للطبقة العاملة في صراعها ضد أسس الاستغلال ومن اجل القضاء عليه .من حيث هي رؤية ونظرة للعالم والمجتمع المغربي في حركته وتغيره المستمرين وترابطه الشامل بين كل أجزاءه ومكوناته   وجوهره المادي الذي هو قاعدة وأساس الترابط الشامل على عكس الرؤية والنظرة المثالية التجزيئية التي ترى في العالم والمجتمع   معطى مختلق ومحدث  وعبارة عن أجزاء تحايث بعضها الأخر دون أي ترابط أو ارتباط .
 رؤية أيضا للعالم والمجتمع في حركته وتغيره المستمر الذي يجد أساسه واصله في التناقضات التي تشكل شكل هذه الحركة والتغير ومصدرها . تناقضات لا تقوم إلا في وحدتها وصراعها الأبدي والتي لا تنشطر إلا لتنتج وحدة جديدة مختلفة نوعيا , انشطار هذه الوحدة الذي يتم وفق طراز منتظم ومتواصل من تراكم  المتغيرات الكمية  التي تفضي في إطار صيرورة التطور إلى تحول فجائي  في شكل تحول نوعي مختلف عن السابق ,   بما هما شكلا هدا  التطور  المستمر أحداهما ذا طابع بطيء  يتم عبر سيرورة التراكمات الكمية وثانيهما ذا طابع فجائي  , وبما هو كذلك فان الحركة والتغير المستمرين بما هو قاعدة ومنطلق الرؤية والنظرة الماركسية اللينينية للعالم والكون لا يأخدان  طابعا متصاعدا ومستقيما بل هو ذا طابع متعرج  وان كان متصاعدا ولولبي كل حلقة منه هي ارقي وأكثر عمقا ومختلفة نوعيا عما سبقها من حلقات التغير والتطور المستمر  ويتم هذا التطور وفق عملية نفي نفي متواصلة بحيث كل حلقة ومرحلة من مراحل التطور والتحول  تشكل نفيا لما سبقها من مراحل .
إنها مرشد عمل ونضال الطبقة العاملة المغربية والعالمية  لأنها تشكل رؤيتها ونظرتها للمجتمع المغربي وعالمنا الراهن   في حركته وتغيره وتطوره المستمرين  الذي يجد أساسه المادي واصل تطوره وتحوله وتغيره المستمرين في  التناقضات الطبقية التي تخترق بنيته الاقتصادية  تناقض بين الرأسمال  وقوة العمل ,  تناقض بين الطابع الفردي لملكية وسائل الإنتاج  والطابع الاجتماعي للإنتاج  , ويخترق بنيته الطبقية بما هو تناقض تناحري عدائي بين الطبقة العاملة والبورجوازية الكومبرادورية  تناقضات لا يمكن تصور وجود طرفها إلا في وحدته بالطرف الثاني  إذ أن  أي من طرفي التناقض لا يتحقق وجوده إلا في علاقته بالطرف الثاني , وهو التناقض الذي يشكل مصدر تطور وتغير المجتمع المغربي على كافة المستويات  ومنها أساسا الاجتماعية والفكرية والسياسية , تطور يسير وفق سيرورتين  متلازمتين ومتفاعلتين جدليا . سيرورة تطور وتغير كمي عبر مراكمة سلسلة من الإصلاحات  والمكاسب في المجال الاقتصادي ( تحسين ظروف العمل وظروف العيش ) , و المستوى الفكري بما تكشفه وتبرزه  حركة الصراع من وضوح  وصقل للوعي الطبقي والتربية السياسية الثورية للبروليتاريا على الكفاح وكشف  وحدة الطبقات المستغلة والمستغلة في المجتمع , وعلى المستوى السياسي بما يحققه  التراكم والصراع بين المتناقضات والطبقات من تعزيز  وانتزاع لحرية العمل النقابي والسياسي , تراكمات إن أحسن استثمارها في تكتيكات ثورية سديدة لقيادة الطبقة العاملة الواعية والمسلحة نظريا وسياسيا  تفضي بشكل طبيعي وموضوعي إلى الانتقال في الصراع والتطور  لإحداث التحول النوعي في بنية المجتمع  على المستوى الاقتصادي  بخلق التطابق والانسجام بين الطابع الاجتماعي للإنتاج  وعلاقة الإنتاج بالقضاء على الملكية الخاصة والعمل المأجور ليحل محلها   الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج  وتفعيل وتطبيق مبدآ من كل حسب عمله  بما هو بديل العمل المأجور  , وعلى المستوى الاجتماعي  بتحقق المساواة بين أفراد المجتمع وتحويل هذا الأخير إلى مجتمع المنتجين الأحرار المتساوين بالقضاء على  الطبقات والفرو قات بين العمل اليدوي والذهني والفروق بين الجنسين  , وعلى المستوى السياسي  بإسقاط سلطة الطبقة البورجوازية الكومبرادورية لتحل محلها ديكتاتورية الطبقة العاملة بما هي صيرورة ثورية للقضاء على الطبقات . تغير نوعي ثوري فجائي يتخد له اشكال وانماط متعددة تفرزها التحولات وحركة الصراع ( الانتفاضة الشاملة والعصيان المدني – الثورة الشعبية الشاملة . العنف الثوري  الشعبي ..)   يشكل في المحصلة النهائية ارتقاء وقفزة  إلى مرحلة نوعية جديدة تشكل نقيا لما سبقها من مراحل تاريخية  , حيث النفي الكلي  لخصائص المجتمعات الطبقية السابقة على مجتمع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية  بكل فروقاتهما الطبقية  والاقتصادية والسياسية والفكرية .
إنها مرشد نضال وعمل البروليتاريا المغربية والعالمية بما هي  رؤية بالاستناد عليها  تؤسس البروليتاريا المغربية وحزبها المنشود كل تكتيكاته  وإستراتيجيته الثورية بتحديد التناقضات ألاقتصادية / الطبقية الاساسية و الرئيسية  بما هي المحدد في التطور والتغير والتناقضات  الثانوية ودرجة العداء والصراع بينهما  وتوظيف كل ذلك في خططه النضالية لتحقيق التراكم المطلوب والبناء عليه في تسريعها , من اجل تحقيق التحول الثوري   المفضي إلى تغيير بنية النظام الاقتصادية والطبقية  وبالاستناد على شكلي التطور والتغير المستمرين  يحدد الحزب والطبقة وحلفائها تكتيكات النضال التي تزاوج بين الكفاح من اجل تحسين شروط الاستغلال  وظروف العمل والمستوى المعيشي ( دور العمل النقابي ) وتوسيع مجال الحريات السياسية الفردية والجماعية بما يضمن  عزل الطغمة الاولغارشية الفاشية  ويحسن ظروف العمل الثوري   وتربية البروليتاريا  المغربية وحلفاءهما وجدب الفئات الوسطية المتدبدبة  لمعمعان الصراع الطبقي  والكفاح الثوري الذي  يستهدف القطع مع النظام وقلب سلطة الطبقة الكومبرادورية وحلفاءها  بتحضير  شروط الثورة  .
ثانيا  من الزاوية المادية / الواقعية و التاريخية :
هي حركة كفاح البروليتاريا ضد الرأسمالية وهي بالمعنى الأخير حركة موضوعية مستقلة عن معتقدات وأفكار ورؤى البشر , فمن قلب هده الحركة نتحدث عن ماركسية ـ لينينية  التيار / الحزب المنشود وحينها تتمحور المسالة كلها ( ماركسية ـ لبنينية التيار / الحزب المنشود ) حول كيفية تنظيم هذه الحركة ( حركة كفاح البروليتاريا ضد الرأسمالية ) وجعل النظرية مرشدها وموجهها في الكفاح .
بهذه الرؤية لن تعدو الماركسية – اللينينية بالنسبة لنا  ترديد الأحكام والتعابير الأساسية والخلاصات كما تبلورت في كلاسيكياتها , كما دأبت على ذلك اغلب الكتابات المدعاة ماركسية  في بلادنا في السنوات الأخيرة  والتي تملا بياض صفحات الفايسبوك وبعض الجرائد الالكترونية ,  أو ما يتردد في الخطابات النارية بميادين الكفاح -  إلى الحد الذي حولها إلى مذهب فقهي جامد ومحنط - وليست إعادة النظر مطلقا في هذه الأحكام والتحليلات الأساسية كما تروج إلى ذلك أحزاب يسار البورجوازية الصغرى  بالمغرب أي كل اصناف والوان التحريفية  والاصلاحية القديمة والجديدة   (  فمن مدعي أن ديكتاتورية البروليتاريا أكل عليها الدهر وشرب و مدعي أن الماركسية اللينينية بدعة ستالينية  وغيرها من المقولات التحريفية التراجعية) .  بل هي استعمال منطق ومنهج المؤسسين ( ماركس , انجلز ولينين وتلاميذنهما ستالين وانفير خوجا) في نقد النظام الرأسمالي في شكله الحالي وللقوى الطبقية والسياسية الموجودة فيه وتقديم الأجوبة على مشكلات العصر ..

إن هذا التصور الذي حاولنا طرحه والذي يشكل إحدى أوجه اختلافنا وتمايزنا عن باقي الاتجاهات التي تزعم الماركسية – اللينينية كمرجعية وهوية يحتم علينا وظائف ومهام في العصر الحالي من زمن تطور البشرية وان قسما من وظائفنا ومهامنا ذات طابع عام ومستقل عن المراحل التاريخية الخاصة ويتم استخلاصها من طابعها الاجتماعي التاريخي : أي من أسس الرأسمالية بمجملها وهي مهام ووظائف ناشئة عن المواجهة الثورية للرأسمالية بشكل عام . ومن جانب أخر توجد مهام ووظائف ذات طابع مرحلي تتحدد حسب خصائص العصر الذي نعيشه .وهي نفسها المهام التي تحدد وتبرز الطابع والخاصية الاممية  للحزب المنشود وخط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية  ببلادنا .
في سؤال  المهام العامة  للحزب  وخط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية  



اولا :  تسليح الحركة العمالية بأفق ورؤية واضحين  , وهذه كانت دائما مهمة الماركسيين من عصر وزمن ماركس ورفيقه في الكفاح انجلز  والماركسيين اللينينين من عهد لينين و عصرالانتقال من الراسمالية الى الاشتراكية وتلامدته المخلصين يوسف ستالين وانفير خوجا , وان أساس ذلك إشاعة وتعميم النقد الماركسي ـ اللينيني  للعالم والمجتمع المغربي  داخل حركة الطبقة العاملة وقوى التغيير الأخرى.

ثانيا : توحيد حركة الطبقة العاملة وتعزيز تحالفاتها الطبقية مع باقي قوى الثورة في كل مرحلة من مراحل الثورة وجعلها قوة مؤثرة ومقررة لمصير حركة الصراع داخل المجتمع وتحويلها إلى حركة مناضلة من اجل السلطة السياسية وتحويل برنامجها إلى بديل شعبي اجتماعي عام لكل الطبقات المستغلة والمضطهدة .

ثالثا : بلورة وطرح البديل للتنظيم الاجتماعي وحل / سبيل  واقعي لمعضلات مجتمعنا الراهن في جميع المناحي والمجالات .

رابعا : تحضير وتنظيم الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة لتحقيق الاشتراكية .

خامسا :  الإسهام في جميع مواقع  النضال العمالي سواء الدفاعي أو الهجومي مقابل البورجوازية والنضال لإزالة الاضطهاد والاستغلال عن كل الشرائح المضطهدة في المجتمع والدفاع عن البشرية في جميع الجوانب في مواجهة النظم المعادية للإنسانية القائمة والدفاع عن أي قدر من الحرية والمساواة .

فمما لاشك فيه أن كل هذه الوظائف والمهام العملية والنظرية يتم ترجمتها بسلسلة من النشاطات والفعاليات المتنوعة وتشكل المضمون الرئيسي لنضالات التيار والحزب الماركسي اللينيني المنشود. وهي  مهام ووظائف لها زمنها الخاص  يتحدد بما يتم تحقيقه من محصلات  تنمي إنضاج شروط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية  كما إنها مهام مترابطة  ومندمجة أي تقدم في إحدى حلقاتها الأساس يشكل تقدما في السلسلة وفي باقي الحلقات والصيرورات .

في المهام والوظائف  المرحلية الخاصة
وكما قلنا هناك مهام محددة مرحلية ناشئة عن الأوضاع الخاصة للعالم المعاصر , ويجب الإشارة هنا إلى أن هده المساهمة  لا تتسع لبحث تفصيلي الذي يبقى مهمة دائمة للمناضلين وسنكتفي بالإشارة إلى المسائل التي يتوقف علينا بحثها لان لها تأثير قوي كبير على جوانب نشاط الماركسيين – اللينينين وفرض أولويات محددة في أجندتهم وجدول أعمالهم :

اولا :  فإذا كان من المسلم به أن الماركسية – اللينينية لم تتشكل دفعة واحدة ولا هي اكتملت في كتابات وانتاجات مؤسسيها الأوائل . وأنها ثمرة ظروف موضوعية وذاتية بالغة التعقيد والتداخل ونتاج تفاعل معطيات ثقافية وإيديولوجية وسياسية وتاريخية متعددة .وقد أبدعت في الكشف عن تناقضات ومساوئ الرأسمالية ومنطقها الاستغلالي في كل الظروف والمراحل التي قطعها تطورها التاريخي إلى يومنا . كما أبدع مناضلوا مختلف فصائل اليسار الماركسي- اللينيني  في كل بقاع العالم أشكال الكفاح  ضد الرأسمالية وطابعها الهمجي واغنوا بفضل تجاربهم وخبراتهم وتضحياتهم وإسهاماتهم النظرية العظيمة على رصيد هائل من تراكم الرؤى والأفكار والمداخل وفي صراع ضاري ضد كل صنوف التحريفية ( من ما بعد اغتيال ستالين  الى وقتنا الحاضر والمعاش ) لإعادة بناء المشروع الاشتراكي الثوري وتخصيب روحه الثورية التحررية واستلهامها في تحديد سمات عصرنا الراهن وبالاستناد على العدة الفكرية المتاحة في الماركسية – اللينينية التاريخية .

فانه لمن المؤكد أن العالم يمر بصراعات واضطرابات اجتماعية واسعة . فهذه المرحلة ليست مرحلة الوضوح واليقين ليست مرحلة تتيح بالقدر الكافي  تشخيص اتجاه حركة الأوضاع بعد انهيار جميع المعادلات السابقة والتي كانت إلى عهد قريب تعتبر ثوابت الوضع العالمي والتي انهارت معها أمال وقيم وأحلام شكلت اكبر حافز في حياة البروليتاريا العالمية والشعوب المستعمرة  وسعيهما لتحسين أوضاعهما المعيشية وبدأت تموج معها رياح وتيارات من عدم الثقة والشك العميق في أية فكرة للتغيير الجدري للمجتمع . إنها باختصار مرحلة انتقالية بالغة التعقيد والهشاشة معا,  مؤقتة وعابرة تداخل فيها نوعان من الازمة والتي تميز عادة كل واحدة منها في مثل هده المراحل الانتقالية , وهما أزمة الانحطاط والتراجع الماثلة للعيان بكل وقائعها وتفاصيلها وأحداثها ورموزها وشعاراتها المنتصرة والمهزومة وهي لحظة قائمة بالفعل والأكثر تأثيرا على وعي الناس ووجدانهم ( النزعات الفاشية  العنصرية بمعاقل الرأسمالية العالمية والفاشية الدينية بالمنطقة العربية  والعنصرية القبلية بإفريقيا ... ). وأزمة التقدم والنهوض الثوري التي تعتمل في جوف الصراعات والمجابهات بين البروليتاريا العالمية وكادحي شعوب الدول التابعة  والمستعمرة . وهي الازمة التي وصفتها الأدبيات الماركسية بالأزمة الثورية بخصائصها النوعية في واقعها العالمي الجديد حيث القديم والجديد لا محدد لهما ذاتيا كما كان الأمر مفهوما في المراحل الانتقالية السابقة من هذا النوع , وحيث كذلك يتسم هذا الصراع بالتعدد والتنوع وتغيير الجهات والأدوار( صراع الأقطاب الرأسمالية العالمية والرأسمالية الصاعدة بباقي مناطق العالم  كما هو الأمر بين حلف روسيا وحلف أمريكا . ودول البر يكس والأقطاب الأسيوية ....), وبشكل عام يمكن القول أن هذا الواقع التاريخي بخصائصه المشار إليها بشكل عابر تطرح علينا سلسلة من المسائل والمعضلات الجديدة التي لم يتم الإجابة عليها بعد ولعل اكبر المعضلات هو الجواب على سؤال إلى أين يتجه العالم المعاصر مع ما تفرع عنه من أسئلة موضوعاتية وفرعية .

وفي المقدمة من هذا نحن مطالبون بالجواب عن مدى راهنية الشعارات التي أطرت خيارات واتجاهات المرحلة : الاشتراكية أو البربرية . وبصيغة أخرى هل يتجه العالم المعاصر نحو عودة الخيار للإنسان الذي ليس إلا الشيوعية كطور ارقي في صيرورة بناء المجتمع الاشتراكي وما هي متطلبات ومستلزمات نجاح هذا الاتجاه والخيار القائم ؟ . أو تدمير الإنسانية من خلال استفحال النزعة العسكرية المباشرة لحركة الرأسمال الاحتكاري الدولي من اجل فرض سيطرته المطلقة على كافة الأقطار .

في هذا السياق نحن أيضا مطالبون بالدرس والتحليل للإشكالات التي أفرزتها الرأسمالية في عصرها الحالي وفي المقدمة من ذلك القضايا المحورية ألان في الصراعات الدولية :
البيئة والمخاطر المحدقة بالحياة البشرية  ـ الديون الخارجية ـ الهجرة والحرب ـ ـ التحولات الجارية في الأمريكيتين والعالم العربي ـ الانهيارات المالية والاقتصادية في أوربا ـ الإرهاب والعنف العسكري ....الخ
وهذا يطرح علينا وعلى كل الماركسيين ـ اللينينيين ( الشيوعيين ) في العالم تحدي تقديم الأجوبة والرؤى إزاء هذه المسائل وان تكون قضايا العالم مشغلة للقدرات النظرية والتحليلية لكوادر التيار و الحزب المنشود وان تقديم وجهة نظر حول تلك المسائل والقضايا يجب أن تشكل إحدى الخاصيات الماركسية ـ اللينينية للحزب وكوادره. في سياق المجابهة والصراع مع الرؤية الليبرالية المتجددة من جهة والرؤى والتصورات التحريفية  للماركسية ـ  اللينينية ( نموذج الأمانة المتحدة للأممية الشيوعية الرابعة والحركة الثورية العالمية ذات التوجه الماوي ..)

ثانيا : يسود العالم الراهن في حقله الإيديولوجي هجمة واسعة على الشيوعية والماركسية ـ اللينينية وان البورجوازية في الوقت الذي تسعى فيه إلى جعل كلمات ماركسية والاشتراكية والشيوعية ألفاظا ومفاهيم ومقولات  قديمة وفي الأفكار العامة , فإنها مصرة على إدامة هذه الهجمة ضد الماركسية ـ اللينينية في الحقل الفكري الاديولوجي وضد الشيوعية في المجال السياسي ’ ويجري الاحتفاء العالمي بانتصار الليبرالية الجديدة ـ نهاية التاريخ ـ والديمقراطية رديفا لظفر لسوق الحر باقتصاديات العالم على خلفيات الاندفاع الجامح لعولمة الرأسمالية المكتسحة للحدود والحضارات , وفي هذا المشهد تبدو الإيديولوجية النقيض لهده الدرجة أو تلك وفي المقدمة منها الماركسية – اللينينية , بعد انتصار الثورة المضادة  وتفكيك  الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي , في حالة من التراجع والتقهقر والنكوص وهي تواجه ضربات في حرب إيديولوجية طاحنة وصل مداها إلى التأثير على فصائل الحركة الشيوعية العالمية التي دشن بعضها مراجعات أفرغت الماركسية ـ اللينينية من روحها الثورية وأسهمت من جهة أخرى في تشطير هذه الحركة وتنافرها مما افقدها اقتدارها ونفوذها السياسي الذي شكل إلى أمد قريب نقطة قوتها في مواجهة الهجمة المعادية للإيديولوجية الليبرالية .

أن هذا الواقع يفرض علينا وعلى كل الماركسيين ـ  اللينينين الجديرين بهذا الانتماء الدفاع على جدارة الشيوعية كحركة , كسبيل حل وبديل قابل للحياة والتحقق, وعلينا امتلاك القدرة على الدفاع بالتسلح النظري والمعرفي بالماركسية ـ اللينينية  وروحها العلمية الثورية . علينا فضح كل ادعاءات الرأسمالية الشائع بالنصر والخلود وادعاء عقم الماركسية ـ اللينينية وتقادمها وموتها, والتي تظل حية وقائمة مادامت الطبقة لعاملة قائمة وصراعها ضد الرأسمال جاري بشكل موضوعي ومستقل عن إرادة البشر , لان الماركسية ـ اللينينية  في أخر المطاف ليست إلا التعبير النظري والفكري عن هذه الحركة التي هي أساس ورافعة المجتمع الرأسمالي وحفارة قبره , وان الاشتراكية/ الشيوعية  ليست أفكار وخطاطات يسعى الماركسيون ـ اللينينيون إلى تطبيقها على المجتمعات ويكيفون هذه المجتمعات لتتلاءم مع هذه الخطاطات ,بل هي حركة موضوعية لخلق التلاؤم الطبيعي بين الطابع الاجتماعي للإنتاج والتملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج وتجاوز جدلي موضوعي للتناقض الذي يقسم المجتمع وإعادة الخيار للإنسان ليمتلك وسائل عيشه والسيطرة على الطبيعة وتلبية حاجاته المادية والروحية والثقافية وتحقيق إنسانيته في كل أبعادها الطبيعية وفي المقدمة منها المساواة التي هي الأصل الطبيعي , والذي لن يتأتى إلا بالقضاء على أسس انقسام المجتمع طبقيا وهي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والعمل المأجور.

في ضوء هذا الفهم للماركسية ـ اللينينية بمستوييها , وعلى ضوء الفهم العميق لأبعاد الحملة الأيديولوجية السافرة والمبطنة يتحدد موقفنا ويجب أن يتحدد من التيارات الفاعلة ببلادنا , في الحقل الفكري والإيديولوجي الراهن وفي المقدمة من ذلك التيارات / المجموعات  التي تنسب نفسها للماركسية ـ اللينينية والشيوعية وهي على النقيض من ذلك ,  والذي يبدو جليا من خلال الفصل التعسفي بين مكونات ومصادر الماركسية الثلاث ولا تاخد من الماركسية إلا مكونها تحت مسمى الاشتراكية العلمية, علما بأنه لا يمكن فصل مكون عن الأخر فضلا عن تقزيم الاشتراكية نفسها وتحويلها إلى خطط اقتصادية ليس إلا,  لتحقيق "التنمية الشاملة ",ومن الكفاح والصراع الطبقي مجرد نضال ديمقراطي يحجز سقف وافق هذا الكفاح والصراع  في حدود تلطيف الاستغلال الرأسمالي التبعي  وتسييد ديمقراطية ليبرالية شكلية تبقي على واقع ديكتاتورية البورجوازية الكومبرادوري والملاك العقاريين والفئة الاولغارشية المالية منها .  وهذا يجعل من هذه التيارات اخطر مضرة للطبقة العاملة من خلال التأويلات الاديولوجية والتضليل الذي تمارسه في أوساط الجماهير الكادحة وفي المقدمة منها العمال . وفي نفس الاتجاه ومن منطلق الدفاع عن الماركسية ـ اللينينية والاشتراكية يواجهنا تحدي الصراع ضد النزعات التحريفية  ( التروتسكية , الماوية  بكل اتجاهاتهما  الحديثة )   التي تقفز عن حقائق الواقع الميداني , بتقديم تحليل و تفسير من المنظور الماركسي- الينيني  للتجربة السوفيتية التي أطرت تحت شعار الاشتراكية وباسم الماركسية .
ما هي أسس ومداخل التقييم الماركسي اللينيني للتجربة السوفيتية ؟
في تقديرنا تقييم التجربة التاريخية المذكورة يجب أن تنطلق من أطروحة أساس لفريدريك انجلز تحدد مهام الثورة الاشتراكية ومداخل تحققها .
يقول انجلز في خطاب بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل ماركس :
أن استيلاء الطبقة العاملة على السلطة السياسية وصيانتها هي الخطوة الاولي في طريق الثورة البروليتاريا لكن يجب على الطبقة العاملة حال استيلاءها على هذه السلطة السياسية أن تستخدمها في الإطاحة باعداها الرأسماليين وان تنجز تلك الثورة الاقتصادية التي بدونها النصر كله سينتهي حتما بهزيمة الطبقة العاملة وتعرضها لمذبحة شبيهة بتلك التي تعرضت لها كمونة باريس .

برأينا يتعين تحليل الأسباب التي وقفت وراء التحولات السياسية والإيديولوجية والاجتماعية في التجربة السوفيتية ونفسها ألان في التجربة الصينية الراهنة وبشكل مادي تاريخي ,  إذا ما بحثنا في نوعية التحولات التي عرفها المجتمع الروسي وباقي الحلقات التابعة بأوربا الشرقية على المستوى العلاقات الاقتصادية المادية بالمجتمع وليس في الجوانب الفكرية / الايديولويجة والسياسية أو في النظرية الماركسية حتى , إن التحويل الاقتصادي لروسيا هي المسالة الأساس في النقد الماركسي ـ اللينيني وذلك انه بمقدور تحليل هذه المسالة تفسير أسباب وعلل التفسخ والانحلال السياسي والإيديولوجي للثورة ( البيروقراطية , تشوه الممارسة والتوجه الطبقي للحزب الشيوعي , الإشكالات والانحرافات في السياسة المحلية والدولية للدولة السوفيتية , الارتدادات الثقافية والأخلاقية التي أعقبت التقدم الاولي للثورة في هذه الميادين ...)
إن هذا التصور لمدخل التقييم والدراسة يشكل اختلافا منهجيا وفكريا مع التصورات التي حاولت قراءة التجربة بالانطلاق من ظهور البيروقراطية والتفسخ السياسي والنظري للحزب الشيوعي السوفيتي وبعض الظواهر الأخرى المرتبطة بالبنى الفوقية للمجتمع والثورة ,والتي هي نتاج واقع مادي اقتصادي واجتماعي ونتاج لتوقف الثورة البروليتاريا عن مسار تطورها الطبيعي وتفسخها وليس سببا لها والتي كانت محكومة ومؤطرة بسياق دولي سمته  الاساسية الحرب الشاملة ضد الثورة البروليتارية العالمية والحركة الشيوعية  العالمية  . إن هذه الظواهر والمشاهدات ( البيروقراطية , انحطاط الحزب , التحريفية ...) هي جزء من الواقع الذي يتعين تفسيره والبحث عن أسباب ظهوره الموضوعية أي الاجتماعية والاقتصادية وليس أداة لتحليل الواقع ويعادل تفسير هزيمة ثورة أكتوبر وانتصار الثورة المضادة  بهده النتائج , تفسير النتائج بالنتائج وهذه قمة المثالية التي تشكلا إحدى مظاهر التحريف  التروتسكي الراهن للتجربة السوفيتية .

ثالثا :  إن احد القضايا الأخرى التي افرزها العصر على الصعيد الدولي والمحلي هي أزمة الحركة النقابية وقد بدأت هذه الازمة مند مدة طويلة حيث فقدت النقابات نفوذها في أوساط المأجورين ولم تعد تاطر إلا نسبة ضئيلة من الطبقة العاملة مما يبقي الطبقة خارج دائرة الصراع ألمطلبي ويضعف من تربيتها السياسية وتنمية وعيها الطبقي الجنيني -  بل يحرفه في أحسن الأحوال- وتمرسها على الصراع ضد البورجوازية , وازداد الأمر بتزايد أعداد العمال الغير المنقبين مما سمح بتنظيم هجمات متتالية على مكتسبات الطبقة العاملة وطنيا ودوليا حيث أصبح إلغاء حرية الإضراب ومرونة الشغل عنوان سياسة الرأسمال المحلي والعالمي . إن الازمة النقابية والأشكال النقابية الدفاعية والمرتهنة للمناورات والحسابات السياسية لتيارات اليسار البورجوازي أوجد ظروفا حساسة وخاصة , فمن جانب زادت التفرقة والتشرذم والانقسامات والمنافسة والصراعات بين العمال ومن جانب أخر جعلت من الحاجة لبديل جدي لتنظيم جماهير العمال وتوحيدهم في مواجهة الرأسمال والبورجوازية الكومبرادورية أمرا ملموسا وملحا , بديل يستحضر وجود جيش واسع من العاطلين عن العمل الذي يوظفه الرأسمال بنوعيه للضغط على الطبقة العاملة لتكثيف الاستغلال وشل فعالياتها في الصراع ضد الاستغلال والهجوم على مكتسباتها التاريخية .
إن هذا من كبريات المعضلات والمهام التي تنطرح على ماركسيينا لا نه لا يمكن تصور حركة ماركسية – لبنينية ( شيوعية ) بدون حركة عمالية قوية وفاعلة في المسار العام وحركة الصراع داخل المجتمع  فبالأحرى قيادته من اجل تحقيق البديل الاجتماعي لنظام الاستغلال والقهر الطبقيين .

رابعا : احد الجوانب الأخرى التي للظروف التي أوجدها التطور المذهل الذي يعرفه العالم والصراعات التي يعيشها وانعكاس ذك على مجتمعاتنا المحلية هو انفلات وظهور تيارات اديولوجية / سياسية واجتماعية وانتشارها على أوسع نطاق كالفاشية/الدينية , العنصرية والنزعات القومية والعرقية / الاثنية  والتي امتد تأثيرها وهيمنتها إلى الطبقات الشعبية المستهدفة بمشروعنا الثوري . وان التيار والحزب المنشود كقوة طبقية طليعية ملزم بالحضور في ميدان الدفاع عن البشرية عموما وكادحي المغرب خصوصا مقابل هده التيارات  , وهذا يضع على عاتقه مجموعة مهام وأولويات وفي المقدمة من ذلك القيام بدراسات وأبحاث وتحاليل معمقة ودقيقة ومفصلة لفرز مختلف الاتجاهات والرؤى والتي تخترق الحقل الاديولوجي / الاجتماعي بدءا من الأشكال البسيطة والبدائية للوعي العفوي إلى التعبيرات المصاغة في شكل مرجعيات معلنة كما يجري الترويج لها في أدبيات الأحزاب والمنظمات الاجتماعية أو الحلقات الفكرية والثقافية ( الامازيغية , الاسلاموية ..) . فضلا عما يمليه علينا الموقف النظري من ضرورة الكشف عن الأرضيات الطبقية التي تستند إليها مختلف أشكال الممارسة الإيديولوجية والتحالفات التي تنعقد فيما بينها ....
يتبع 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014

اراء حرة ..... وثائق ومناقشات

لكسر جدار الصمت .....