اراء حرة ..... وثائق ومناقشات

"نشرت الرفيقة والصديقة سميرة الوثيق مقالا تحليليا حول التوظيف بالتعاقد الذي اقدمت على انتهاجه  حكومة النظام الرجعي المغربي  في بحر هذه السنة , وهو المقال/ الدراسة التي وضعت هذه السياق كحلقة ضمن مخطط اشمل  الذي يكشف عن الابعاد الطبقية لهذه السياسة والمخطط . ونظرا لاهمية المقال وما تضمنه من اطروحات جديرة بالنقاش والتعميم ارتات  الفجر الاحمر اعادة نشره نقلا عن صفحة  الكاتبة بالفايسبوك على امل ان ينفتح نقاشا اكثر عمقا بين الماركسيين ـ الينينيين المغاربة والمهتمين  عسى ان ينتج ذلك رؤية متكاملة واليات المواجهة لتطوير الحراك المفتوح في مواجهة هطه المخططات ومن خلفهما النظام برمته .."

مقال متواضع :ملاحظات عابرة حول  التوظيف  بالتعاقد

أعلنت وزارة التربية الوطنية بشكل رسمي، يوم الثلاثاء المنصرم، اعتماد التوظيف بالتعاقد سيشمل 11000 منصب في قطاع التربية الوطنية، بالإضافة إلى المناصب المخصصة للقطاع في قانون المالية لسنة 2016، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي "على غرار باقي المؤسسات العمومية وإعمالا بأحكام المقرر المشترك رقم 7259 بتاريخ 7 أكتوبر2016 بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة الاقتصاد والمالية"
وهي " عقود توظيف بالتعاقد من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تهدف إلى تشغيل أساتذة وإداريين كأجراء وفق عقود عمل محدودة غير مفضية إلى الترسيم كما هو مسطر بالبند العريض في المذكرة، هي عقود لا تخول المطالبة بالترسيم أو الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية" .
ونحن نتابع  من موقع الفعل في الدينامية النضالية التي فتحها نضال الاطر التربوية خريجي" برنامج 10000 اطار" والذي انتقل الى  مستوى  ينبا بزخم  اكبر عمقا  واتساعا  خاصة بعد الاشعاع والامتداد الذي دشنه  مع الاعتصام  البطولي بمدينة مراكش من خلال  الحركة الاعلامية الاجنبية الواسعة التي حضي بها هذا الاعتصام , وما انتجه من حركة تعاطف اخدة في النمو والتطور, والتي لم يفلح التدخل القمعي الهمجي في  اجهاضه والقضاء عليه,  وكان بذلك  فضيحة وانكشاف  للنظام  اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي اما حلفاءه ومدعويه لمؤتمر الكاب 22 بالحمراء , يواجهنا السؤال الاهم والاساس  لماذا  التوظيف بالتعاقد المؤقت ؟  ماهي الاسباب البعيدة والمباشرة التي  دفعت الوزارة الى نهج هكذا سياسة في قطاع  استراتيجي  لارتباطه بمستقبل المغرب واجياله القادمة ؟ أي افق للمعركة الحالية واشتراطات تطورها ؟
       جدير   بالذكر ان  لجوء النظام المغربي  الى نهج سياسة التوظيف بالتعاقد المؤقت لم يكن وليد اليوم ,  وان كان اتخد صيغا اخرى  خاصة في السلاليم الدنيا  لقطاع الوظيفة العمومية , من خلال   القطع مع نظام الاعوان والمحررين الاداريين بمختلف الاسلاك والادارات العمومية , سواء بالجماعات الترابية او  الجهاز الاداري المحلي  لمختلف الوزارات  التابعة للحكومة المغربية  والاستعاضة عن ذلك  بنظام التدبير المفوض  للشركات والمقاولات المخصتة في العمالة   او المناولة ,تحت مسميات متعددة منها مقاولات النظافة والحراسة اللياية والمداومة اليومية , وهي الوظائف التي كانت تستقطب  اعداد كبيرة من ضغار  اجراء ومستخدمي الادارات  المحلية , وهكذا انتشرت كالسرطات شبكة وسلسلة واسعة من الشركات التي ابتلعت  التوظيف المؤقت, وباجور زهيدة  وجارج أي ظوابط والتزام بتشريعات قانون الشغل على علته او  القانون الاساسي للوظيفة العمومية  ومستخدمي الجماعات الترابية .
            وهي السياسة التي كان طييعيا ان تفضي للانتقال  الى التعميم على باقي السلاليم والمستويات الادارية ,   وخاصة الوسطى  وكانت البداية والبوابة  قطاع ومجال التعليم والتربية , حيث سعى النظام في الموسم الفارط الى محاولة ملتوية لتمرير سياسته الا ان تصدي حركة الاساتذة المتدربين افشل   الخطة مؤقتا ,  وهو ما  يحاول  هذا الموسم ترسيمه واعتماده  حسب ما ورد في المرسوم والمذكرة الوزارية المشار الى فحواها في مقدمة المقال .
     ان الاشارة الى  السياق التاريخي , او للدقة التطور التاريخي  القريب  لسياسة التوظيف ,  لم يكن بدافع استعراض كرونولوجي,  بل  من اجل تلمس السبب الاساس الذي يقف دافعا وراء نهج هذه السياسة من طرف النظام المغربي  . ذلك ان العالم   الراسمالي بصفة اعم دخل في  العقد الثاني من  القرن الحالي  في ازمة  شاملة مست المعاقل والمراكز  الراسمالية الكبرى , اتخدت لها عنوانا ومظهرا بارزا : ازمة فائض الانتاج الذي افضى الى ازمات  دائمة  ومتجددة  في البورصات المالية العالمية بعد ان عرفت السوق الدولية حركة انكماش وتراجع كبير انعكس على مستوى الاستهلاك العالمي للبضائع المصنعة واسهم  في تراجع حركة التجارة الدولية, ولجوء اغلب الدول الى سن السياسة الحمائية لحماية المنتجات  الوطنية وحماية اسواقها الداخلية وسرع من تنامي الصراعات  ذات الطابع الاقتصادي بين الاقطاب الراسمالية  الدولية  واستفحال النزعة العسكرية , وهي الفترة التي نعيش نتائجها المتفجرة بالشرق الاوسط والخليج واسيا ( العراق افغانستان  اليمن سوريا ليبيا ) وجمهوريات  الاتحاد الروسي  واوربا الشرقية سابقا  ( جورجيا . اوكرانيا ..) .
والمغرب بحكم علاقاته التبعية  للنظام الراسمالي  العالمي , ولكونه جزءا من نفس المنظومة الاقتصادية الرسمالية العالمية من موقع التبعية , فهو بكل تاكيد وبحكم الضرورة التاريخية والواقعة الموضوعية محكوم بحركة التاثير سلبا وايجاب  بالازمة التي ضربت معاقل الراسمالية العالمية,  لارتباط نظامه الاقتصادي بحركة التجارة الدولية  في حركة شاملة :  تصدير المواد  الااولية والمنتجات الفلاحية وبالمقابل استيراد ادوات الانتاج والعمل  والطاقة وغيرهما من البضائع  التي تسد حاجيات  السوق الداخلية الاستهلاكية  , وان أي تراجع في حركة التجارة الدولية بطبيعة الحال يكون من ابرز نتائجها الكارثية المباشرة على  الدول التابعة ومنها المغرب , تباطؤ نسبة وحركة النمو الاقتصادي  والتي  تنعكس على سوق الشغل والتوظيف , وهذا ما حصل في المغرب في العقود الاخيرة  وحملته توصيات وتعاليم صندوق النقد الدولي كاشتراطات   وسياسة رسمية  للدولة المغربية  لتمكينها من  المساعدات والقروض المالية  لحل الازمات المتجددة التي يعرفها لاقتصاد المغربي .
حيث رسم البنك الدولي للنظام المغربي سياسة اقتصادية / اجتماعية بنيت على ثلاثة عناصر اساسية :
  ـ رفع الضغط على الميزانية العامة للدولة في مجال  القطاعات الاجتماعية ( الصحة ـ التعليم ...)
   ـ رفع الضغط على الميزانية العامة في مجال الانفاق العمومي  أي التسيير
   ـ تحرير الاسعار والسوق الاقتصادية امام حركة الراسمال
           في باب  تنفيد التوصيات والاشتراطات والخضوع الى الاملاءات ,  انزل النظام المغربي  سلسلة من المخططات التصفوية  الطبقية  في مجال التعليم  من خلال ما سمي  بميثاق التربية والتعليم وتبعه بالمخطط الاستعجالي   وهو الان في بداية تنزيل الشق  والمرحلة الثالثة من   المخطط تحت مسمى الرؤية الاستراتيجية للتعليم في افق 2030 , وهذا شكل جزءا من رزنامة الاصلاحات  تنفيذا  لما اسماه البنك الدولي برفع الضغط على الميزانية العامة في مجال القطاعات العمومية  كما  اوضحنا
في حين ان  تنفيد  التوصية  المتعلقة بتخفيف الضغط على الميزانية العامة في مجال الانفاق العمومي أي التسيير , اتخد له سياسة دات مستويات  متعددة  :
  ـ المستوى الاول : تفكيك  قطاع الوظيفة  العمومية  وكانت البداية في هذا الاطار بما سمي بنظام المغادرة الطوعية والذي كان له كبير الادوار في افراغ الادارة العمومية من  الاطر الادارية والتربوية .
   ـ المستوى الثاني : التراجع عن تخفيظ سن التقاعد وتمديده الى ما بعد الستين  ومراجعة نظام التقاعد والاقتطاعات لفائدة الصناديق .
 ـ المستوى الثالث : اعتماد نظام التوظيف حسب حاجيات السوق ومتطلبات الادارة   بما يعرف بنظام التوظيف بالعقدة دون ترسيم وما يترتب عن دلك من ضمانات وحقوق مالية .
        باختصار ان العمل الاساس  والمحدد في انتهاج النظام الاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي يجد  جذوره  ومصدره في ازمة علاقات الانتاج الراسمالية التبعية السائدة في بنية المجتمع المغربي وفي علاقات التبعية للنظام الراسمالي العالمي ,  ازمة انتقال هذه العلاقة من رافعة  لنمو وتطور قوى الانتاج  ومن ضمنها قوة العمل الماجورة سواء في المجال الانتاجي المباشر او  الغير المباشر أي  الخدمات وفي القلب منها التعليم , وتحولها الى معيق لهذه التطور وصولا الى دورها التخريبي للقوى  الموجودة والزج بها في العطالة الدائمة والبنيوية .
      بيد ان هذا لا ينفي وجود سبب مباشر وقد يكون ظرفيا  له علاقة بنفس السبب المحدد  . ذلك ان الازمة البنيوية التي يعيشها النظام المغربي  انعكست بشكل  كبير على   المقدرات الاقتصادية  للجماهير الشعبية  الواسعة وفي مقدمتها الجماهير الفلاحية والعمالية والفئات الوسطى من المجتمع وخاصة بالمدن المغربية,   وكان من نتائج دلك تراجع  مستوى ونسب النمو الديمغرافي ,حيث برزت الى الوجود الاجتماعي الاسر النووية أي القليلة الابناء  من جهة , وتاخر  سن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة في اوساط النساء والرجال وخاصة الطبقات الكادحة  من الشعب المغربي  من جهة اخرى , مما يهدد بشيخوخة البنية الهرمية للسكان في وقت كانت نسبة النمو مرتفعة وتسير بوثيرة متطورة وسريعة , استوجب نهج سياسة احداث المؤسسات التعليمية وانتشارها كالفطر في جميع  المراكز السكانية بجغرافية الوطن . في حين ان  الوضع الحالي لنسب النمو الديمغرافي وبداية شيخوخة المجتمع جعلت البنية  التعليمية زائدة عن المتطلبات وخاصة بالبوادي والارياف وهو ما فرض اللجوء الى ما يعرف بنظام المدارس الجماعاتية وقابل ذلك تجميد نظام التوظيف في قطاع التربية والتعليم والاستعاضة عن ذلك بنظام التوظيف المؤقت لتغطية الخصاص  في حالة وجوده حسب متطلبات النمو وفي نفس الوقت خدمة متطلبات السوق والراسمال المستثمر في قطاع التعليم والتربية والتكوين في ما  يعرف بالتعليم الخصوصي  .
      خلاصة التحليل والقول اننا امام مخطط  طبقي يتجاوز  سقف قطاع ومجال التربية والتعليم وبالتالي يتجاوز  مقدرات وامكانيات الاطر التربوية خريجي برنامج 10000 اطار  سقفه  مصادرة مستقبل الاجيال القادمة وتدمير مقومات التقدم والتطور في زمن اصبح العلم والمعرفة  جزءا من منظومة قوى الانتاج بما هي   مصدر تطور المجتمعات البشرية . وهذا يطرح علينا تحدي السؤال عن متطلبات المواجهة  والنضال ضد مخطط التعاقد وما بعده .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل 2014

اراء حرة ....وثائق ومناقشات - استقلال ام استبدال طبقي ؟